أقلام حرة

البطالة مرض العصر

شاكر الساعديالبطالة (unemployment): هي ظاهرة تعاني منها معظم المجتمعات في العالم وتعتبر واحدة من أهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية،إلا أن نسبة وجودها تختلف من مجتمع إلى أخر ولو أخذنا البطالة في العراق أنموذجا فنقول أنها ليست ظاهرة طبيعية علينا إن نسلم بها كظاهرة (العواصف والزلازل والبراكين) وهي غير مبررة نتيجة الخلل الواضح الذي نعاني منه المتمثل في غياب البرامج والخطط المدروسة لعملية إدارة وتشغيل الموارد البشرية (المعطلة) وقد برزت هذه الظاهرة نتيجة وجود عدد كبير من طالبي العمل ممن ليست لديهم فرص عمل، وهذا يتطلب المزيد من الدراسة والاهتمام الجدي لوضع حلول لهذه المشكلة ومعالجتها جذرياً، وان كثير من المجتمعات حاولت بكل الوسائل الحد أو التقليل من نسبة البطالة لديها وخاصة مجتمعات دول الخليج العربي (كالسعودية والكويت والإمارات) ودول المغرب العربي (كتونس والجزائر والمغرب) وغيرها، ونأمل من بقية الحكومة العربية أن تحذو حذو هذه الدول لاسيما وان الكثير من المجتمعات العربية قد عانت ولفترات طويلة من الجوع والحرمان والفقر .

وهنا لابد من إعطاء تعريف مبسط للبطالة (unemployment): على أنها (الحالة التي يكون فيها الشخص قادر على العمل وراغبا ً فيه ولكن لا يجد العمل أو الأجر المناسبين) وهناك تعار يف أخرى لسنا بصددها ألان .

البطالة: شملت معظم شرائح المجتمع وخصوصا الشريحه الأهم ألا وهي - شريحة الخريجين - هذه الشريحة المهمة التي يعول عليها في العمل، حيث إن عشرات الألوف من الخريجين يتخرجون سنويا من الجامعات والمعاهد في مجتمعنا العربي لكن العدد الأكبر منهم لا يجد فرصة مناسبة للعمل وبالتالي تكبر مشكلة البطالة لهذه الشريحة المهمة .. ومن المعلوم إن لكل ظاهرة غير طبيعية او مشكله اثار سلبية تترك بصمتها في المجتمع واثار البطالة تظهر في الجانب الأمني أولا، إذ إن هناك علاقة بين البطالة والجريمة المنظمة فكلما ازدادت نسبة البطالة زادت نسبة الجريمة في المجتمع، وتعد جريمة السرقة من ابرز الجرائم المرتبطة بالبطالة. أما أثار البطالة على الجانب الاقتصادي، فان إي تقدم اقتصادي يلقي بضلاله الايجابي على الانسان بإسهامه في نهضة المجتمع، وهناك أثار نفسية أيضا للبطالة حيث تودي الى اضطرابات نفسية وصحية أضافه إلى الكآبة فعندما يشعر الإنسان العاطل بانه محبط وغير راضٍ عن نفسه، ومتذمر دوماً. 

وقد أكدت انتفاضة الشعب العراقي التشرينية اليوم، وخاصة في وسط وجنوب العراق في الثالث من تشرين الأول عام 2019 التي راح ضحيتها شهداء وجرحى صدق تفكير معطيات الفكر العلماني الحديث، بأن الدين تستخدمه الأحزاب الدينية لتخدير الشعوب بالشعارات والشعائر المزيفة المصطنعة التي عفي عليها الزمن ليعيدها علينا هؤلاء النفعيين الفاسدين من أجل الهاء الشعب وأبعاده عن ساحة الاستقلال الناجز والحرية لغرض تنفيذ أجنداتهم العقائدية المنحرفة وتنفيذ مخططات الدول المرتبطين بها التي تمدهم بالسلاح والمال من أجل إخضاع الشعب وتحويله إلى مطية يركبونها في أي وقت يشأؤون لقد أعُلن رسمياً عن استشهاد 107 متظاهر مدني في عموم العراق، و4 من القوات الأمنية، وإصابة 3458 متظاهر مدني و363 من القوات الأمنية.. منهم 6 شهداء من محافظة ميسان، وإصابة 14 متظاهر مدني و92 من القوات الأمنية خلال ثمانية أيام من التظاهرات، التي بدأت في الأول من تشرين الأول في محافظات (بغداد- النجف الاشرف - بابل - الديوانية – ميسان - ذي قار - واسط - المثنى) وجاءت تلك الخسائر نتيجة الاستخدام المفرط للقوة من قبل الأجهزة الأمنية، ومقرات الأحزاب الإسلامية التي تحميها ميليشيات خاصة بها، وهي في كل الأحوال أرقام مجزرة دموية لا يمكن الصمت عليها أو تمريرها دون المطالبة بمحاكمة وكشف المرتكبين لها والمنتهكين لأبسط الحقوق المشروعة والمتفق عليها قانونياً ودستورياً وإنسانياً.. وقد تكررت تلك المظاهرات يوم الجمعة المصادف 25/10/ 2019 في عموم مناطق جنوب ووسط العراق بما فيها العاصمة بغداد، راح ضحيتها 270 شهيد،، منهم الكاتب والإعلامي والناشط المدني (أمجد الدهامات) الذي اغتيل في محافظة ميسان على أيدي المليشيات المتنفذة، و12 ألف جريح.. ولازال الجرح العراقي نازفاً حتى اللحظة تلك.. نتيجة بطء الإصلاح الحكومي من جهة، والوعود الكاذبة التي تطلقها الحكومة بين فترة وأخرى من أجل تخدير المتظاهرين الذين يبحثون عن مخُّلص ينقذهم من نار الحكومة الحارقة ومن بعض المليشيات المنضوية تحت راية الدولة والممولة من أفعى الجوار

.

شاكر عبد موسى الساعدي - كاتب وأعلامي

 

في المثقف اليوم