أقلام حرة

صادق السامرائي: الإبداع العقيم!!

الإبداع بأنواعه لا يغيّر الشعوب، وربما يساهم في الترقيد والتخميد، لأنه يوفر لها منافذ سهلة للتخلص من طاقاتها المأزومة، والمقهورة بإرادة السلطة الفاعلة فيها.

فالشعوب عجينة الكراسي تصنع منها ما تشاء، ولديها القابلية للتماهي مع الكرسي أيا كان نوعه، فلا فرق عندها بين التي تمثل القوة وتستدعي التبعية والقيام بدور التصدي.

فالذين يحمّلون الإبداع فوق طاقته، ويرسمون له دورا متخيلا، يحرثون في الحجر، ويزرعون في الهواء ويحسبون السراب ماءً.

الإبداع ربما نشاط تَرَف، وسلوك لملئ الفراغ، وطاقة كامنة في المخلوق، تعبّر عما تراكم في دنياه من إنعكاسات ومؤثرات الحياة فيه.

فالإبداع الأدبي لا يُرتجى منه  دور مهم في إيقاظ الشعوب وصناعة الحاضر والمستقبل، في المجتمعات المرهونة بمن يدّعون ممثلية الدين.

فالأمم والشعوب يصنعها قادتها، ويمكن للقائد المؤثر أن يوظف الأدب في مسيرة التغيير، كما فعل الرئيس الصيني "ماو" الذي شكّل عقل أمته بشعره، وأعاد ترتيب الرؤى والتصورات والإقترابات من مناهج الحياة.

أما الأدب المجرد من قوة القيادة وتأثيرها، فلا أثر له، ومهما كتبنا فلن نؤثر في الواقع.

ومن المعروف أن معظم الشعراء الفاعلون في الحياة،  كانوا على مقربة من القيادات في مكانها وزمانها.

فلو أخذتم أي شاعر إشتهر وأثر في واقعه، ستجدونه على علاقة مع قائد تلك المرحلة التي برز فيها.

كأبو تمام والبحتري وعلي بن الجهم  والمتنبي وأحمد شوقي وغيرهم من المعاصرين والغابرين.

فلا يمكن القول بأن الإبداع يغيّر إن لم يكن متفاعلا مع مركز السلطة، ومساهما في إرساء دعائم التعبير عن  رؤيتها.

ولهذا تكون أبواق الكراسي أكثر تأثيرا في الواقع من أصحاب الإبداع الحر، لأن إبداعهم لا يطعم من جوع!!

فهل من كراسي ذات عقل فاعل، لكي نحيا بالإبداع؟!! 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم