أقلام حرة

ما كلُّ مَن كتبَ الشعرَ بشاعر!!

"ما كل من ذاق الهوى عرف الهوى.. ولا كل من شرب المدام نديم"

ما وصلنا من أخبار أعلام الأمة، أنهم كانوا يكتبون الشعر، وما وصفو أنفسهم ولا أسموهم بالشعراء، فالعلماء والنوابغ عبر مسيرتها الحضارية يُقال أن لهم شعر جيد أو ضعيف، ويسطرون نماذج منه، وما يلصقون بهم صفة الشاعر.

وفي عالم اليوم، أصبح كل مَن ذاق الهوى عرف الهوى، فنصف الجميع بأنهم شعراء، وكتاب وأدباء وعلماء وما شئنا من الألقاب، التي تناثرت في ديارنا ونحن نحبو ونكبو، ولا نجيد الوقوف والمشي على قدمينا، بل رؤوسنا صارت دون أقدامنا.

فالكثيرون يلقبون أنفسهم بالشعراء، ما دام الشعر قد أضاعَ ملامحه ومواصفاته وغاب شكله، وتحول إلى مجرد كلمات، بإسم الخباصة والتصديد.

فكل ما يكتبه الناس شعر، فهو نثري وذاتي وهايكوي وغير ذلك، فاكتب فأنتَ شاعر!!

أما الكتابة على خطى الأجداد فنشاط كلاسيكي مندثر تجاوزه الزمان، وما أتى بأحسن مما كان، فالأقلام تتراقص على إيقاع الوافد المنان، الذي نقلده ونستنسخه ونترجمه وهو الغريب الحيران.

إنها الحداثة يا أولي الإبداع!!

والتجديد الرائع المُطاع!!

الفاتك بالعربية والهوية والعروبة واليراع!!

فلتكن خربشاتنا وهذرباتنا من أيقونات الشعر الحديث الرمزي الغامض المندحر بالأساطير التي نشوهها، فلكي يكون شعرا عليك أن تخاطب به الغيوب، وتفرغه من الأفكار وروح الواقع، وتدحوه في طيات اللا أدري ومغارات المجهول، ومتاهات الذاتية الخاوية، فدع القارئ يكتشف المعنى ويتذوق النص، وهل يوجد قارئ في الدنيا المعاصرة يستهلك وقته بمعاينة الغثيث؟!

والحقيقة المريرة  القاسية، أنهم أبادوا الشعر، وأفرغوه من قيمته ودوره ومعانيه الإنسانية والإبداعية، وصار مجرد كلام، وكأي كلام، نسترخصه ونستسهل طرحه وعدم الإكتراث به.

فهل لعنّا الشعر، ورجمنا الشعراء؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم