أقلام حرة

المُعاصَرة العلمية!!

الكلام عن المعاصرة لم يعد جديدا، بل من أقدم الموضوعات التي تناولها الكتاب والمفكرون العرب، وكثيرا ما أقرنت بالتراث.

والمغيّب في المعاصرة ماهيتها ومناهجها التي أغفلت، فالدنيا في عصر العلم، ولكي تتحقق المعاصرة لا بد أن تكون علمية أولا، وبعدها تأتي الحالات الأخرى.

فالأمم الغير قادرة على التفاعل العلمي المتجدد مع منطلقات عصرها، لا تستطيع أن تدّعي المعاصرة، مهما حاولت أن توهم نفسها في نشاطات أخرى أيا كان نوعها.

فعندما تنتفي المعاصرة العلمية تنهار أية معاصرة أخرى، فلكي تعاصر على مستويات الحياة المتنوعة، لابد من المعاصرة العلمية.

وهذه الغفلة وقع في مهاويها المفكرون العرب، وراحوا يتحدثون عن المعاصرة وكأنها مصطلح خيالي، وتجنبوا الخوض في صميمها العلمي، الذي تتولد عنه سلسلة من المعاصرات المتصلة به.

فالمجتمعات العاجزة علميا، لا يمكنها أن تخدع نفسها وأجيالها بأنها تعاصر في ميادين المعارف الأخرى، كالشعر والقصة والرواية، وغيرها من الإبداعات.

فخلو الساحة الثقافية من المعاصرة العلمية يتسبب بتداعيات سلبية، ويمنع نشاطات فكرية وأدبية متعددة.

وفي واقعنا العربي، توهمنا التجديد في الأدب بشتى نشاطاته، وما أتينا بما هو معاصر وجديد، وأصبحنا ندور في دوامة مصطلحات مبهمة، ومسميات مستوردة لا تمت بصلة للواقع الذي حُشرت فيه، وراح أصحابها يسوقونها على أنها معاصرة وتواصل مع ما في الدنيا من ثورات معرفية متسارعة.

وهذا التخبط والإضطراب الإدراكي عوّق قدرات إنتاج المعرفة في واقعنا المأسور بما لا يعنيه، ففقد خصوصيته ونكهته ومميزاته وضاعت ملامحه، فصارت المعاصرة إقتلاع لحاضره ومستقبله وتدثر بماضيه.

فمجتمعاتنا هامت في متاهات المعاصرة، وياليتنا تحررنا من سطوة المصطلحات، وتعاملنا ببساطة ووضوح مع ما تمليه علينا حاجاتنا المادية والنفسية والفكرية والروحية، لنكون مبدعين أصلاء، وأصحاب معارف غير مسبوقة.

فهل لنا أن نعاصر بما فينا؟!!

***

د. صادق السامرائي

5\9\2021

في المثقف اليوم