أقلام حرة

هل نعرف المَعارف؟!!

صادق السامرائيقد يبدو السؤال شديد الغرابة، والواقع العربي على مدى أكثر من قرنٍ مرير يوجب طرحه!!

فأدبيات نخب الأمة وأحزابها وحركاتها ومجاميعها وتوجهاتها، تتمنطق بما لا تعرفه، ولهذا ما تمكنت من تحويل طروحاتها إلى موجودات إيجابية فاعلة في الحياة.

بل تحقق عكسها!!

والعلة في الإبتلاء بقيادات جاهلة، أمية في كل شيئ، إلا الرغبات الأنانية الآنية، التي ما أن تلتهب حتى تقضي على أصحابها وتنطفئ.

فالواقع الواجب مواجهته بجرأة وإقتحام، وعزيمة لا تلين، وإصرار لا يستكين، توهمنا المعرفة ونحن لا نعرف!!

فالذي يعرف يترجم ما يعرفه لبرامج فاعلة في الواقع المعاش، لا أن يجعل اليسير عسيرا، والممكن مستحيلا، فبدلا من الإتيان بمفردات مبسطة متحركة بإنسيابية في دروب الحياة، نحلق فيما لا ندريه ونتصوره المطلوب.

وهذا الإقتراب السلبي المهلهل يخيم على معظم النشاطات الحاصلة في مجتمعاتنا، فإبداعاتنا بأنواعها بلا قيمة ولا أثر، لأنها تتناول موضوعات خارجة عن قوة جذب الأرض، فلا تلامس التراب، بل أشبه بتهويمات وأضغاث أحلام يقظة وبهتان.

وفجيعتنا القاسية في إستحضارنا لمصطلحات ومسميات لا نعرفها، ولا تمت بصلة لمسيرتنا عبر العصور.

وما نعيشه منذ بداية القرن الحادي والعشرين، القول بالديمقراطية وهو مصطلح تردد منذ عقود وعقود، ولا زلنا نتراقص على ضفافه، وما تجسد منه ما يعين على حياة حرة كريمة تخدم قيمة الإنسان وحقوقه، فالسائد تصريحات وأقوال خاوية، فالكل ديمقراطي النوازع والنوايا بالكلام، وبفعله حدث ولا حرج.

والأقرب إلى وعينا الجمعي ما فعلناه بديننا اليسير الواضح المبين، فأخرجناه من أنوار جوهره، وألقيناه في نيران ما فينا من أمّارات  الرغبات والمساوئ والشرور.

فهل نعرف، أم لا ندري وندري أننا ندري، وهذا ما أغفله الفراهيدي؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم