أقلام حرة

عملية خرق سيادة ام جنون قائد؟

عماد عليربما يعتقد البعض بان العملية العسكرية التركية في اقليم كوردستان من اجل محاربة حزب العمال الكوردستاني وزعزعتهم في مواقعهم، الا ان هدف هذه العملية الرئيسي سياسي بحت بعيد المدى ولها غايات كبيرة جدا، وهي نابعة بدوافع شخصية ودولية اقليمية وحتى عالمية.

المعلوم ان المنطقة في اوج غليانها ونحن وسط صراع كبير بعد الحرب الروسية الاوكرانية والصراع الامريكي الايراني ومرحلة اعادة ترتيب الاقطاب وما يفرز من ما يجري سياسيا للمرحلة القادمة وكيف تقع نتائج المعادلات السياسية في شكلها الاخير.

تركيا لها غايات كثيرة ولا تعد منها داخلية بحتة واخرى اقليمية وعالمية. الداخلية وهي على اعتاب انتخابات رئاسية وعسى ولعل ان اردوغان يمكن ان يكسب اصوات ويدعم موقعه ومن ثم ينفذ ما في راسه من طموح عثماني وهو يعتقد بان الوقت مناسب والظروف الموضوعية تساعده لذلك. واقليمية لما لها صراع كبير ومباشر مع ايران وخاصة بعد سقوط الصنم العراقي وسيطرة ايران على زمام الامور في العراق ولما تريده ان تتقدم على ايران في نواحي عديدةذ في نهاية الامر. اما عالميا، فان القوى الكبرى قد تراجعت كثيرا في سيطرتها وسطوتها على المنطقة كثيرا وتخلت عن مواقعها لقوى اقليمية كي تحتل محلها وتكون ممثلة لحماية مصالحها، وتفكر تركيا ان تكون احدىذ القوى الكبرى الاقليمية التي تحافظ على مصالح امريكا وحلف الناتو في المنطقة مستقبلا.

و الاهم من كل ذلك فان سوق النفط والغاز قد تجري عليه تغيرات كبيرة من حيث البيع والشراء والاطراف التي تكون لها اليد في السيطرة عليها. فانها تريد ان تكون لها اليد الطولى في هذا المجال وبالاخص في امر بيع النفط والغاىز لاقليم كوردستان وتعويض النقص الذي يحصل للنفط والغاز الروسي والذي يصر عليه حلف ناتو و امريكا وهي تطمح ان تكون قوة مسيطرة على هذا الشان في المدى البعيد.

ما يجري في اقليم كوردستان من الصراعات الطفولية تفسح المجال امام تركيا كي تستغل الوضع في تحقيق مرامها بافضل وجه دون اي عائق، فانها تريد ان تنافس ايران على احتواء السلطة في العراق والسيطرة عليها ان امكن وليس لها اي مجال في خرق الباب الا استغلال اقليم كوردستان في تحقيق هذا الهدف .

يمكن التوقع بان المرحلة في تغيير شامل وبالاخص نحن نقترب من سنة 2023 ونهاية اتفاقية سايكس بيكو مع ما تطمحه تركيا من الميثاق الوطني وما تهدفه من اعادة خريطة المنطقة بما يمكن ان تتلائم مع تفكيرها واعادة تنظيم موازين القوى لتقع لصالحها في النهاية.

و عليه، يمكن ان نفكر بان هناك تغييرات واسعة وكبيرة في جميع المجالات في المنطقة ولا يمكن ان نتصور ما تكون عليه موازين القوى بشكل دقيق، الا اننا على يقين بان كل بلد في المنطقة تحلل وتتصور ما يحصل ولو شكليا وتحاول ان تقع لصالحها لحد ما. والاقطاب المتعددةذ ومكوناتها واهدافها التي تبرز تتطلب تفكيرا وعقلية كي يعلم اي طرف وخاصة دول المنطقة اين تكون واين تقع مصلحتها، وما نحن نؤكده ان اقليم كوردستان في وضعه الحالي سيكون ضحية الاعيب القوى الاقليمية والعالمية وستذهب كل التضحيات للشعب الكوردي سدى .

و عليه، فان العملية العسكرية التي بدأتها تركيا يمكن ان تطول وتصرف فيها الجهود والاموال لتحقيق الاهداف المرسومة المبينة في عقلية اردوغان، ولكن تحقيقها يقف عند عتبة باب ايران وما تفعله ويمكن ان تخطط وتقاوم ما يجري وفي نهاية تحدد المنطقة التي يتقاطع عندها ما تفعله تركيا وتخطو الخطوة المناسبة في حينها.ذ ذ

***

عماد علي

في المثقف اليوم