أقلام حرة

كوردستان في مفترق الطرق

عماد عليالجميع يعتبر اليوم اعقد مرحلة في تاريخ كوردستان الحديث من كافة الجوانب وبالاخص السياسية الاقتصادية،  انها ليست بدولة وفي الوقت ذاته هي دولة ايضا بشكل غير قانوني، وحتى الدول تتعامل معها كدولة (لما فيه الدول الاخرى المتعاملة معها من التناقضات نتيجة اعتبارهم للمصالح اكثر من اي شيء اخر)، انها تصدر النفط وربما قريبا الغاز وفق الدستور العراقي وبعكسه ايضا، صحيح وفقا لما في بنوده من التناقضات القانونية ويمكن التفاعل معها بتوجهات واراء ومواقف مختلفة وايضا يمكن الوقوف امامها وصدها وفق القوة السياسية للاطراف واعتمادا على الدستور وما فيه ايضا. اليوم كوردستان تعيش في منطقة تغلي فيها كافة الامور السياسية وفي مرحلة متنقلة لم تستقر فيه الحال وليس هناك ما يمكن ان يعتقد اي مراقب بما سيؤول اليه الوضع العام. انها الوحيدة التي لا يمكن ان يعرف اي احد مصيرها ومستقبلها والخطوة الصحيحة لما يمكن ان تؤديها من اجل الوصول الى المستقر النهائي. سياسيا واقتصاديا متعانقة مع الامور الاخرى بشكل لا يمكن ان نعتقد بانها تخرج من نهاية النفق بشكل جلي. فهي تحاول بكل جهودها ان تجد نفسها بين التعقيدات والسياسات العالميةفي المنطقة والعالم  وتتعامل مع ما تجري في المنطقة ولكن دون جدوى كما نرى . لها دور كبير ويمكن ان نقول انها بدون اي تاثير كغيرها ايضا مهما كانت قدرتها الاقتصادية، لها ثروات كبيرة ولكنها تُستغل من قبل الاعداء دون ان تجد اصحابها الخير المرجو منها . انها تدور حول نفسها ولم تجد الطريق السوي المناسب ولم تتخذ ما تريده او تناسبه من بين الاختيارات الموجودة امامها ، وعليه فانها حائرة اليوم بين العديد من التوجهات السياسية وحتى الفكرية والفلسفية في تحديد نهجها الصحيح. على الرغم من انها ليست بدولة الا انها لها دور الدولة، انها لا تملك ما تعيش اولادها به الا انها تريد ان تحل محل الدول الكبرى في المصادر الاقتصادية المهمة، انها ليس لها الثقل لتكون محل القوة التي يمكن ان تعتمد علهيا الاخرين الا انها تجد نفسها بقوة لا يضاهيها بها احد احيانا.

كوردستان الواقع الحالي المرمى بين احضان من لم يعلم كيف يديرها في الوضع الاعتيادي، فكيف له ان يعمل في كل هذه التعقيدات المناطقية والعالمية سياسيا واقتصاديا ويديرها بشكل صحيح. وبه، اننا نرى بانها السلطة التي ليست لها سلطة او السلطة التي يوجد هناك من تتسلط عليها ولكنها تظهر وكانها دولة عظمى في الامور الخاصة.

بين هذه الطرق المتعددة التي امامها، فان كوردستان لازالت على وقعها ولم تجد الافضل ولم تحسم امرها لحد الساعة ولم تتغير. فانها تريد ان تعوض النقص للغاز الروسي  الذي يمكن ان يحصل اليوم او غدا مهما طال الزمن فيما عليه الواقع بين روسيا والدول الاوربية. وحتى وان لم يحصل النقص ذلك بين ليلة وضحاها الا ان ابراز البديل لمن يشهر سيفه الاقتصادي له الدور الكبير في المعادلات السياسية. فان ما تملكه كوردستان من احتياطي النفظ والغاز وان لم يكن بذلك المقدار الذي يبالغ به القطب المضاد لروسيا، الا ان السلطة الكوردستانية وما تلاقيه من الترحيب في هذا المجال ليس الا اللعب في المنطقة الضعيفة للفوز باخرى.

نرى من الامور الدبلوماسية التي لم تشهدها سلطة كوردستان من قبل، جعلتها ان لا تصدق نفسها وكانها هي حقا تلك الدولة المستقلة والبديل المناسب في المعادلة السياسية التي نقص احد اركانها بما تجري اليوم من الحرب الدائرة بين روسيا واوكرانيا وما يفرز منها. اي، العملية صعبة ومعقدة وليس هناك بشائر خير او اي نور في الافق، وليس هناك من يمكن ان يدير ما يجري في المنطقة وتاثيراتها على كوردستان بشكل سليم وصحيح (تجاربنا السابقة لا تعطي اية اشارة الى اي اعتقاد بما يمكن ان تعمله السلطة الكوردستانية هو الانسب في هذه المرحلة).

بما نراه، نتاكد بان السلطة الكوردستانية التي لم تجد نفسها في اية مرحلة سابقة في ظروف ذاتية وموضوعية كما هي عليه الان، فاقل ما يمكن ان يٌقال انها تعيش في تيه ودوار لم تجد نفسها فيه من قبل، ويمكن ان نعتقد بانها مهما اجتهدت فانها لا ترى الطريق المناسب القويم لتاخذها في سبيل الوصول على الاقل الى نهاية مناسبة ان لم نقل الهدف الحقيقي لشعب ناضل كثيرا وضحى اكثر وقدم ما لم يقدمه شعب اخر في تاريخه.

***

عماد علي

في المثقف اليوم