أقلام حرة

مبادرة الإطار التنسيقي الجديدة محاولة لتكريس الطائفية الصريحة في الحكم!

علاء اللاميهل تهدف مبادرة الإطار التنسيقي الجديدة لكسر ما يسمونه "الانسداد السياسي" فعلا، أم أن هدفها الحقيقي هو ترسيخ الحكم الطائفي الصريح وترسيخ مبدأ غير موجود حتى في دستور بريمر الكسيح وهو "حق المكون الأكبر مجتمعياً في رئاسة الوزراء، وحق ساسة كل مكون باختيار حصتهم من الرئاسات"؟

1- ألا يعني مطلب الإطار الخاص بتعديل "قانون الانتخابات حسب قرار المحكمة الاتحادية المرقم / 159 في 27 / 12 / 2021 الخاص بإلزام مجلس النواب تعديل القانون، والتعهد بتغيير كوادر المفوضية وإعادة هيكلتها واختيار مجلس مفوضين" محاولة استباقية للإفلات من هزيمة انتخابية ثانية مستقبلا ولذلك فهم يطالبون منذ الآن بتزوير الانتخابات مقدما بتبديل القانون الذي خسروا في ظله؟

2- ألا يعتبر "تبرع" الإطار برئاسة الوزراء للمستقلين محاولة لقطع الطريق على رئيس وزراء من التيار الصدري؟ أليست هذه المحاولة قناعا جديدا للرئاسة وزراء بيدقية تعمل بالروموت كونترول كنموذج رئاسة عبد المهدي والكاظمي لأربع سنوات قادمة لا تختلف عن "الأربعات" التي سبقتها؟

3- كيف تدعو المبادرة "جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار ومناقشة الحلول والمعالجات من دون شروط أو قيود مسبقة" في حين أنها تضع تسعة التزامات بصيغة شروط وتسعة مبادئ لتسيير الوضع العام؟

4- أليس مطالبة الإطار الأطراف الأخرى بالتعهد "بمراجعة جميع العقود والقروض والتعيينات في حكومة تسيير الاعمال" يعني أن هذه التعينات والقروض والعقود قد تمت لغير مصلحتها وأنها كانت عاجزة عن وقف حكومة تيسير الأعمال عند حدها؟ ألا يمثل هذا المطلب تقديم مصالح أحزاب الإطار النفعية ومصير كوادره الوظيفية الفاشلة خوفا من انفراد كوادر الأحزاب المنافسة له في التحالف الثلاثي وسيطرتها على الجمل بما حمل؟

5- لماذا تقفز مبادرة الإطار على قرار المحكمة الاتحادية العليا القاضي بعدم شرعية سيطرة حكومة الإقليم على القطاع النفطي في الإقليم، ويلتقي جماعة الإطار بكل وضوح  وانتهازية مع حزب البارزاني في الموقف من قرار المحكمة وطريقة الالتفاف عليه هي بطرحهم أن حل المشاكل القائمة مع الاقليم تتم بـ" تشريع قانون النفط والغاز الاتحادي وكيفية إدارة ثروات البلاد"، أي أن قضية نفط الإقليم المنهوب من قبل الأسر الإقطاعية المهيمنة على الإقليم هي قضية خلاف إداري وليس تطبيق قرار ملزم لكل الدولة له قوة الدستور، قرار يوجب  سيطرة وزارة النفط الاتحادية بشكل حصري على العملية الانتاجية للنفط ونقله وتسويقه؟ هل هذه هدية تقدم سلفا كإغراء من الإطار لاستقطاب حزب البارزاني إليهم بعد ما تردد مؤخرا من خلافات بينه وبين التيار الصدري؟

6- إن مطالبة الإطار بتنظيم "العلاقة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان بما يضمن حقوق الجميع وبشفافية عالية، وايجاد الحلول المناسبة للمشكلات العالقة بينهما وفق الدستور لجميع القضايا" يعني انتهاكا صارخا لقرار المحكمة الاتحادية بشأن عدم شرعية سيطرة حكومة الإقليم على القطاع النفطي في الإقليم ومحاولة تفتقر الى الذكاء للالتفاف عليه دفاعا عن عمليات النهب التي يمارسها حليفهم السابق - وربما المستقبلي حزب البارزاني- ما يعني أنهم سيضحون بالعراق وثرواته وكرامة شعبه واستقلاله وكما فعلوا دائما من أجل مصالحهم السياسية والطبقية الجشعة.

7- إذا ما وضعنا مطالبة الإطار التنسيقي بتكريس "حق المكون الأكبر في رئاسة الوزراء" و "حق ساسة المكونات الأخرى كلا على حدة باختيار حصتهم والرئاسة المخصصة لهم"، إلى جانب مطالبته بتعديل قانون الانتخابات ومفوضيتها، وانتهينا الى تفريغ قرار المحكمة الاتحادية العليا بخصوص السيطرة على النفط العراقي سنكون نكون قد كشفنا عن الوجه الحقيقي لمبادرة الإطار التنسيقي كوصفة حاسمة لتكريس خيار الدولة الطائفية الصريحة التي يهمن عليها لصوص أحزاب ومليشيات الفساد والتباعة للدول الأجنبية والإقليمية.

8- على المقلب الآخر، نجد أن خيارات التحالف الثلاثي بقيادة التيار الصدري لا تبدو وردية وأفضل حالا من خيارات الإطار فهو يواجه خيارين لا ثالث لهما: الأول هو الذهاب الى حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة وهذا ما يرفضه ويخشاه حزب البارزاني وأحزاب الإطار التنسيقي ويتردد فيه حتى التيار الصدري، ما يعجل بانفراط التحالف الثلاثي وانتقال البارزاني الى الإطار. والخيار الثاني هو أن يرضخ التيار الصدري لما سمته مبادرة الإطار التنسيقي بحكومة "الأغلبية الراغبة" وهذا مصطلح عجيب يمزج بين السياسة وعلم النفس بطريقة مضحكة ربما يذكر العراقيين بمثل شعبي عن الشخص الذي كان "يشتهي ويستحي" فصار يشتهي ولا يستحي" من تكريس الطائفية!

9- أما كلام المبادرة عن " تتعهد جميع القوى السياسية برفض محاولات التطبيع ومنعها مع الكيان الصهيوني الغاصب" و "تفعيل المؤسسات الرقابية والبرلمانية وايجاد التشريعات الملائمة لمحاربة الفساد"، فهو كلام باهت لا طعم ولا لون له وخصوصا حين يصدر من طرف احتكر حكم العراق لأكثر خمسة عشر عاما عاش فيها العراقيون كل مظاهر الويل والثبور وعظائم الأمور... صح النوم حجي!

الخلاصة: إن منظومة الحكم الطائفية العرقية في العراق ماتت سريريا كما كررنا منذ زمن بعيد، وما مبادرة الإطار التنسيقي الجديدة إلا محاولة لترقيص جثتها المتعفنة تحت أضواء وأنغام رقابة حماية واشنطن وطهران!

ولاحل إلابحلها .

***

علاء اللامي - كاتب عراقي

.....................

*رابط النص الكامل لمبادرة التيار التنسيقي:

https://www.alsumaria.tv/docs/419336

في المثقف اليوم