أقلام حرة

تأملات في فضاء المعرفة

ثامر الحاج امينلا جدال واجتهاد في ان العقل البشري قوة عظيمة من قوى النفس، ولكي يبقى هذا العقل متوقدا ومنتجا فانه يحتاج الى المزيد من الغذاء المعرفي الذي هو الطاقة التي تعمل على تشغيل محرك هذه القوة الجبارة، ومهما بلغ العقل من رقي وعطاء وأبدع حلولا كثيرة لمشكلات البشرية تبقى مساحة استيعابه محدودة، اذ اننا ندرك جيداً انه لا يمكن للعقل البشري أن يلم بكل أسرار الكون والوجود ويحيط بكل العلوم والمعارف ذلك ان هذه الأسرار أكبر من أن يستوعبها عقل الانسان بالرغم من وجود حالات استثنائية تتعلق بالقدرات الخارقة لدى البعض والتي تبقى حالات نادرة ومحدودة وليس هذا انتقاص من قدرة العقل ولا هي دعوة الى التكاسل بل دعوة للتواضع والبحث والالمام بالمزيد من الاجتهاد فافضل العقول تلك التي لا تتوقف عن السعي والبحث عن الحقيقة، يقول "هنري فورد " مؤسس شركة فورد لصناعة السيارات (أي شخص يتوقف عن التعلم هو عجوز سواء كان في العشرين او الثمانين)، ومن الجميل ان يتخصص الانسان في جانب معرفي معين ويحيط بكل تفاصيله مع الاهتمام والالمام ولو قليلاً بالعلوم والمعارف الأخرى كي لا يحصل له ما حصل لذلك النحوي الذي ركب البحر مع ملاّح في سفينة واثناء سيرهما سأل النحوي الملاّح عن علومه، وعما حصلّه من علوم النحو، فقال له الملاّح: انني لم احصّل منها شيئا، فقال له النحوي: لقد ضاع نصف عمرك سدى، فانكسر قلب ذلك الملاّح، ولم يعط جواباً، ثم هاج البحر، وصارت السفينة تترنح فوق الماء مشرفة على الغرق، فقال عندها الملاّح للنحوي: قل لي هل تعرف السباحة ؟ فقال النحوي: لست أعرفها، فقال له: لقد ضاع كل عمرك ايها النحوي ذلك لأن السفينة ستغرق في هذه الدوّامة ، فالعقل الواعي هو العقل المتواضع الذي يعتز بعلمه ومعرفته وفي نفس الوقت يحترم جميع الآراء والمستويات العلمية لدى الاخرين .

***

ثامر الحاج امين 

في المثقف اليوم