أقلام حرة

الإقناع قناع!!

صادق السامرائيما كل مقنع صحيح، وأسلوب الكتابات الإقتاعية معروف في المجتمعات المتطورة، والإقناع من أهم مرتكزات وسائل الإعلام بأنواعها، فهي لا تهدف إلى إظهار الحقيقة كما تدّعي، وإنما لإقناع متابعيها برؤيتها، لتصنيع الآراء المتوافقة مع نواياها التعبوية.

وفي مجتمعاتنا نجهل أساليب الكتابات الإقناعية، ولدينا مهارة عالية للكتابات المؤدينة والمؤججة للعواطف السلبية، وما ينجم عنها من تداعيات مريرة.

والعزف على أوتار العواطف سلوك متكرر ومدمر للأجيال المتعاقبة.

وإن وجدت الكتابات الإقناعية في مواقعنا وصحفنا وكتبنا، فلا تعني قد بلغت درجة المصداقية، وأنها صائبة، وإنما تؤكد على أن ما تطرحه له مسوغاته ومبرراته المصطنعة والمجتزأة من مصادر متعددة.

والإقناع مهارة بحاجة إلى جد وإجتهاد ودراسة وممارسة وقدرة على وضع الأفكار بعبارات بسيطة قصيرة واضحة ومؤثرة، فيكون للمفردة اللغوية دورها وثقلها، وأهميتها وقوتها في التفاعل مع المتلقي.

والتقييم العام لكتاباتنا يمكن وصفها بالتخبطية، التي فقدت بوصلة المسير وأضاعت أهدافها، فأكثرها تمثل ردود أفعال، وتميل إلى الإلهائية والعبثية والتعقيدية وتجاهل القارئ، والتوهم بأنها كتابات تتوجه للنخبة المصابة بغثيان أدري.

ولهذا فأن الكتابات لكثرتها وعنفوان تيارها، لا تجد لها مصبات نافعة، ولا تحي تربة ذات قدرة على العطاء.

وحبذا لو تعلمنا آليات وديناميكيات الكتابة الإقناعية، لأنها على الأقل ستمنح القارئ خارطة تفكير سببية تساهم في تفعيل العقل، وإستنهاض ما فيه من قدرات الإتيان بالأصيل.

فالمهم أنها تؤسس لمناهج تفكير ذات قابلية على التوالد والتلاقح والتناضج، بدلا من الكتابات المساهمة بولادات خديجة، والمؤدية إلى تأمين ركود أحواض الإستنقاع في الويلات والتداعيات، والتأسيس لتصارعات خسرانية، ذات معطيات سقرية تبيد ولا تفيد!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم