أقلام حرة

أبناء الدنيا وما بعدها!!

صادق السامرائيمجتمعات البشرية بعضها يعيش والبعض الآخر يطيش، والعيش يحتاج لإعمال العقول، والطيش لتعطيلها، أي أن هناك مجتمعات ذات عقل فاعل، وأخرى ذات عقل عاطل.

مجتمعات العقل الفاعل قوية ومؤثرة في الحياة الأرضية، ومجتمعات العقل العاطل منزوية  فيما يزيدها ضعفا وخسرانا شديدا.

ومن مميزات المجتمعات الطائشة، إندحارها في حالات غابرة، وتمسكها بأوهام عقيمة لا تتواكب مع عصرها، وإغراقها في سَوالف وأجداث، وتقديسها للبشر، ولثوابت قولية حولتها إلى قوانين سماوية.

وتعيش أمية مكانية مروعة، وتنغرز في نقطة زمنية تلغي بموجبها أبعاد الزمن، وتحسب تيار الأجيال المتوافدة مستنقع يتعفن ما فيه ويبيد، لأن المطلوب صناعة نبيذ الضلال والدجل المقدس المعتق في قوارير قالوا!!

وما قالوا، ولكن نوازع النفوس الأمّارة بالسوء ربما قوَّلتهم وأمعنت بإمتطائهم، لتأمين رغباتها وتطلعاتها المخادعة المتوثبة نحو إفتراس حقوق الآخرين.

ولذلك أصبح الدين تجارة، ونشاطات تدر أرباحا ومغانم وفيرة، يسيل لها لعاب الذئاب المدَّعية بدين، والأحزاب المؤدينة، والجماعات المتمذهبة، والمدججة بالعواطف السلبية والإنفعالات النارية الحانقة الكارهة للدنيا والدين.

ويبقى ناعور الأدينة يدور ويغرف من ذات الحوض الراكد المستكين، الذي يسقي الحيارى سموما، ويلقي بهم في خنادق الوجيع والأنين، وكأنهم الأحطاب المعدة كسجير في تنور الويلات والتداعيات، المتشوِّف للسعير والحالم بجحيمات سقر.

فأين الدين من الدين؟

وهل أن الحياة في الدين؟

أسئلة تتقافز بين أمواج التداعيات والإستلابات والتمنطق ببلاغة دين، وكأنها الأسماك التي تبحث عن الخلاص من الماء، فيأتيها الهواء بما يرديها، ويطعمها لفم يترقب الخارجين عن نهر القطيع!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم