أقلام حرة

التكامل التربوي في الإسلام

حشاني زغيديالمميز في منهاج التربية في الإسلام ترتبط بسمو الغايات والأهداف تغرسها على مستوى الفرد والمجتمع والمؤسسات، فهي ترمي في أبعاد الشمول والتكامل، تعطي العناية الكاملة لشخصية الفرد كونه النواة الأساسية في عملية التربية، فصالح تربية الفرد عامل مهم لصالح المجتمع، يعني صالح الفرد أننا نوفر للمجتمع عناصر السلامة، نوفر للمجتمع الإنسان الصالح المشبع بقيم الصلاح، نوفر للمجتمع الفرد المدرك لحقوقه وواجباته، نوفر للمجتمع الفرد الإيجابي الفاعل المؤثر، هذا الفرد الصالح هو نتاج طبيعي لتربية سليمة متكلمة في بيئة محصنة من عوامل الانحراف، هو نتاج أسرة صالحة رسمت أهدافها ورسمت خططها بعناية، تشكل الفرد فيها وفق منهاج تربوي محكم أسرة تؤدي أدوارها بإتقان ..

هذا التكامل التربوي يرجع سر نجاحه كونه منهج متناغم مع الفطرة الإنسانية، كونه منهج يلبي احتياجات الفرد والجماعة، يوازن بين احتياجات الروح والمادة، يوازن بين العمل للدنيا ومقتضياتها والآخرة وسعادتها سواء بسواء،منهج يوازن بين حاجة الجسم للغذاء والرعاية وحاجة الروح للتربية والتزكية، منهج يشجع على العمل والعطاء والضرب في الأرض وبين حاجة النفس للترويح والتنفيس والاستجمام في دائرة المباح والحلال، هذا التوازن الطبيعي تصنعه التربية السليمة في الفرد والمجتمع، ينشأ عنه الاستقرار والاتزان الذي عجزت الكثير من المنظومات التربوية تحقيقه في واقع الناس للأسف .

لهذا كله على المهتمين بالتربية والتعليم العمل على استدراك الوقت لعلاج القصور والخلل، جهد يتضافر جهود جميع المهتمين في شتى القطاعات والتخصصات، يعمل الجميع من أجل هدف واحد منشود وتحصين الفرد والمجتمع من السقوط وإشهار الإفلاس بإحياء التربية الصحيحة من خلال غرس الإيمان في النفوس والتوكل عليه سبحانه وتقوية التربية الروحية في النفوس، بالإضافة إلى التحرر من الجمود والتخلف بالأخذ بالأسباب ولا يكون ذلك إلا بإتباع منهج القرآن الذي يشجع التفكير والتأمل والبحث يكفي العقلاء أن يتأملوا مفاتيح الأيات ( يسمعون – يعقلون – يتفكرون – أولي الألباب ... ) ولعل أكثر اختلالات التربية تمثلت في الإقتداء بالنموذج التطبيقي السيئ، نماذج تربوية فاقدة لزمام أمرها ترى في قيم أصالتها النقص، فاستوردت قيم بعيدة عن موروث حضارتها وقيم هويتها، وزادها تراجعا عدم استغلال الطاقات البشرية الهائلة تزخر بها الأمة، الثروة الحقيقية التي تفتخر بها الأمم الاستثمار في الموارد البشرية، وهذا تميز به غرنا علينا، هم أكرموا وشجعوا ووظفوا ونحن خالفنا كل ذلك .

العجيب أن ديننا يقيم الدنيا وينشد الآخرة، يرعى حق النفس كما يرعى حق الجار، يهتم بالأولاد والأزواج والآباء، يهتم بمناحي الحياة جميعها، هذا الانتماء الذي يحق لنا الاعتزاز به والالتزام به في صورته العملية .

نفعني الله وأحبابي بكل كلمة أبتغي وراءها مرضاة وربي والفوز بجناته .

***

الأستاذ حشاني زغيدي

 

في المثقف اليوم