أقلام حرة

منطقنا المغيَّب ومنطقهم المحبَّب!!

صادق السامرائييؤلم حقا النهج الذي سار عليه المفكرون في مجتمعات الأمة، منذ مطلع القرن التاسع عشر وحتى اليوم، فهم يستوردون ويستنسخون ويقلدون الآخرين.

وكأنهم يحسبون الأمة بلا طاقات عقلية إبداعية أسست لنهضات حضارية، أخذت البشرية إلى عصور التقدم والرقاء.

فمنطق الأمة واضح ومنذ نداء "إقرأ"، إنه إعمال العقل في الحياة، ولم تدعو "إقرأ" لإعمال العقل في النص الديني وحسب، كما تخندق في وهاده المفكرون تلو المفكرين، ولا يزالون يرون أن العلة في الدين والتراث، ويغفلون أن العلة فيهم!!

فما هي النظريات الأصيلة التي جاؤوا بها؟

وما هي المشاريع المولودة من إرادة الأمة؟

معظم ما يسمونه فكرا، عبارة عن نظريات أجنبية يُراد بها تفسير ما لا يمت بصلة إليها، وقد برع السربونيون بذلك، وأكثر الذين درسوا في الجامعات الغربية، توهموا بأنهم يعرفون، وبنظريات ومناهج أساتذتهم سيتمكنون من الإتيان بحلول جذرية نافعة.

وبسبب هذا الوهم والإنحراف، ما أسهموا بتقوية الإرادة ورسم خارطة التقدم إلى الأمام، بل أمعنوا بتسويغ ما هو إنكساري هروبي تدميري لذات الأمة وجوهرها.

فهل قدموا خيرا للأمة؟

وما قيمة مشاريعهم المسطورة في كتب لا تُقرأ؟

لا بد من القول أن الأمة فيها مفكرون يصلحون لأمم أخرى، ولا يتوافقون مع نبض أمتهم، وأكثرهم يجهلون تأريخها، أو تهيمن عليهم أمية تراثية مروّعة.

فلو إطلعو على أفذاذ الأمة عبر مسيرتها، لإستيقظوا من وهم التبعية والتقليدية، والإستنساخية للغربيين الذين تتلمذوا عندهم، ولأدركوا أن عليهم ان ينهلوا من معين الأمة المعرفي الفياض، ويجتهدوا بتطوير منطقها الحضاري الأصيل، لكنهم خيّبوا إرادة أمة ذات نور ساطع، فأوهموا الأجيال بأن الأمة بلا منطق!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم