أقلام حرة

بلاد ما بين النهرين تشكو العطش

ضياء محسن الاسديما من دولة في العالم أنعم الله تعالى عليها بنعمة من موارد طبيعية إلا ووضعتها في سبيل رفاهية شعبها وخدمته وبالطرق التي تدر عليها الأموال والأرباح تستطيع أن تقف على قدميها أمام كل التحديات والمتغيرات السياسية والاقتصادية القادمة وهذا هو ديدن دول العالم برمته وعلى سبيل المثال الدول المجاورة لنا سوريا وتركيا وإيران من أبسط المواد استطاعت من خلالها هذه الحكومات بناء اقتصاد قوي وسياسة مقتدرة يُحسب له ألف حساب دوليا وإقليميا إلا في بلاد ما بين النهرين (العراق) فأن الله تعالى حباه بمواصفات وموارد طبيعية منذ نشأته منها الأرض الصالحة للزراعة وأنهارا وروافد تعطيه الخير الوفير وشعب ذات مواصفات عالية في الهمم والذكاء والعطاء إلا أن كل الحكومات العراقية الحديثة المتعاقبة عليه ومنذ تأسيسها ولغاية الآن لم تستطع وضع الخطط والبرامج والمشاريع الإستراتيجية  للاستفادة من هذين النهرين العظيمين (دجلة والفرات) وروافدهما واستثمارها لصالح الشعب كالزراعة والصناعة والسياحة على أقل تقدير إلا مشروع واحد يُشار له بالبنان وهو مشروع ما يسمى بنهر (الخير) المحاذي لمدينة بغداد في ظل النظام السابق على الرغم من المؤاخذات عليه ودوافعه حينذاك لكنه كان من الممكن الاستفادة منه في تطوير عمليه الري والإرواء لمساحات شاسعة من الأراضي تساهم في دعم قوت الشعب فلو كانت الحكومات الحالية حريصة وجادة في النهوض بواقع العراق فأن بين يديها الكثير من الحلول السهلة في التنفيذ منها على سبيل المثال تقوية الحكومة ومؤسساتها وسياستها لتكون لها اليد الطولا في اتخاذ القرارات المصيرية اتجاه الدول المجاورة لها في تنفيذ ما تريد من مشاريع وخطط وخصوصا في فرض التعامل التجاري المتبادل بالتكامل لا بالهيمنة على أسواقه وبقوة تصب في مصلحة الشعبين على حد سواء بدل من أن يكون العراق وسوقه مفتوحا للغزو التجاري والزراعي وبأردأ المواصفات وكذلك فرض القوة في زيادة الاطلاقات المائية للأهوار الثلاث الرئيسية العراقية وكذلك إعادة نهري دجلة والفرات ثانية نحو الشمال من البصرة بمضخات عملاقة أو أنشاء سدود متتالية على النهرين من دخولهما الأراضي العراقية ومنها بناء منخفضات أرضية في المناطق الغربية والصحراوية من جنوب العراق لتكون خزين استراتيجي للبلاد في فترات الفيضانات وشحت المياه لاستيعاب المياه المتدفقة من دول الجوار كي لا تتحجج بحجج واهية في زيادة أطلاقاتها المائية للعراق وإلا ليس من المعقول كل هذه الحلول الواردة آنفا والتي من الممكن تنفيذها وتُترك بلاد ما بين النهرين عطشا تعاني من التصحر والجفاف وتستعطي المياه من الدول الأخرى ذليلة في طلب المياه فالعراق أكبر من هذه الذلة والمهانة التي وضعته به الحكومات المتعاقبة عليه بسبب سياساتها الضعيفة ومواقفها الذليلة أمام دول الجوار وحلولها الترقيعية التي أبعدت العقول العلمية والوطنية عن عملية بناء الدولة فأن للعراق مقومات النهوض بواقعه من خلال أبنائه فيما إذا توفرت لهم الإرادة الحكومية في استقطاب هذه العقول العلمية والوطنية والشركات العالمية الرصينة لحل كل مشاكل العراق المتفاقمة منذ زمن بعيد حيث أن العراق والعراقي يعاني المصائب المتوالية عليه بالتتابع من غير فسحة أمل من الطائفية إلى القاعدة ثم داعش مرورا بكورونا والآن الحمى النزفية متى سيترجل الفارس العراقي من صهوة جواده  ليستريح قليلا بظل حكومة وطنية منصفة تمنحه الراحة والرخاء والأمان والمستقبل له ولأجياله فقد أصبحت هذه الأمنية مستحيلة وضربا من الخيال فلك الله يا عراق ويا عراقي.

***

ضياء محسن الاسدي

 

في المثقف اليوم