أقلام حرة

هو الذي رأى وما نراه!!

صادق السامرائيملحمة جلجامش مسلة لأمهات الأفكار الإنسانية، برمزية ذات طاقات تعبيرية عن مفردات كونية، فاعلة في الوجود منذ الأزل.

وكم كُتب عنها، ومن وحيها ومنها، وما تمكن كاتب أن يستوعبها كرؤية وطاقة بناء، لصيرورة خالدة في أعماق البشرية.

أكثر المكتوب يتناول أسماء رموزها، ويؤولها وفقا لما يرى، لا كما تم رؤيتها والإنطلاق فيها.

هذه الملحمة ربما يُساء إليها بتقديمها وفقا لفهم محدود، ووعي قاصر، وإقتراب من زوايا ضيقة، وبروحية أدري وأعرف، فأتجرأ على الخوض في متاهاتها وسبر أغوارها.

الملحمة، تبدو وكأنها خلاصة مسيرات حضارية طويلة، ترشحت منها أفكار علوية، فتمازجت في كيان فني ملحمي، ربما قد كتبته أجيال، ودونته أقلام وأقلام، ومن الصعب ردها إلى كاتب واحد أو مؤلف بعينه.

إنها من تأليف أجيال، تداولتها لعدة قرون، ومن ثم تحقق تدوينها، لتبقى ذخرا ورسالة للإنسانية.

ولهذا فهي بحاجة إلى ثقافة موسوعية للتفاعل معها بدراية واعية، وقدرة إنسانية على تمثلها والتعبير عنها بلغة أي عصر.

الملحمة خلاصة مكثفة لمعنى الحياة، وما يتوجب على الإنسان القيام به في رحلته خلالها، فكأنها ترسم له خارطة المعنى والغاية والمرام.

فلا يجوز الإعتداء عليها بالإقتراب السطحي منها، لأن في ذلك تشويه لها، وتقليل من قيمتها ودورها في بناء الحياة الإنسانية، وفي حقيقتها أنها أثرت في العديد من الكتب المقدسة المعروفة، وإستلهمتها آيات ومقولات متنوعة.

ولا تزال ملحمة جلجامش بحاجة إلى بحث وشروحات وتفسيرات، من عقول ذات قدرات ثقافية عالية، ووعي سامق وإدراك فائق.

فهل لنا أن نعرفها، لنرى؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم