أقلام حرة

الأسطرة!!

صادق السامرائيالأسطرة من السلوكيات البشرية البدائية الغائرة في القدم، فأول ما فعله البشر إختلاق الأساطير، ليوهم نفسه بقدرته على إختراق ميادين المجهول وآفاق الغيب.

فالمجهول يرعبه والغيب يروّعه، فكان الإنتصار عليهما بإختلاق الأساطير بأنواعها، فهيمنت على وعيه منذ الأزل، ولا تزال فاعلة بدرجات متباينة في العديد من المجتمعات.

فالأساطير من ضرورات البقاء والشعور ببعض الطمأنينة والأمان، ومع تواكب القرون، وتعاقب الأجيال، تطورت وإتخذت مواصفات متجددة، وإرتقت إلى مراحل الأدينة، وتواصلت بنموها حتى بلغت ذروة التعبير الإعتقادي الراسخ في الوعي.

ومع أن الأديان فاعلة في السلوك، لكن الأسطرة بقيت على صلة بها، ونجد العديد من الرموز في الديانات المتنوعة، تتميز بإضفاء الصفات والخصائل المثالية الخيالية الخارقة عليها.

وخصوصا بعد موتها، تجتهد الأجيال المتعاقبة، بوصفها بما ليس فيها، فنصبح أمام حالات متخيلة، وكأنها ليست من لحم ودم وتلتحف التراب!!

والدافع نزعة الأسطرة الفاعلة فينا، والمؤثرة على جوانب عديدة من سلوكنا.

وأصبح بعض الأشخاص في مجتمعاتنا أساطيرا يوضع على رؤوسها عرش القداسة، فما عاد تفاعلنا بشري، وإنما خيالي بلا رصيد واقعي وعملي، وبموجب ذلك أمعنا التحليق فوق السراب، ومضينا نطارد خيط دخان.

فالرموز المؤسطرة المقدسة موجودة في الخيال البعيد عن الواقع والحياة، وبتراكم مفردات الأسطرة والإضافات المتواصلة، تأسس في وعينا وهْم لا يتزعزع ولا يقبل القسمة إلا على نفسه.

ومن هنا فالأمة ربما لن تستطيع الخروج من قبضة الخيال والمثالية، والتحليقات العالية الطوباوية، إن لم تعيد النظر فيما ترى وتتصور، وتدرك أن الحياة الدنيا مفردات عملية بسيطة متفاعلة تؤدي إلى نتائج قائمة في أيامنا.

فهل لنا أن نتحرر من قبضة الأساطير، وندرك أن القداسة ليست صفة بشرية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم