أقلام حرة

حاشية ومؤسسات المراجع (2)

ان اروع ما في تلقي العلوم الدينية انها ليست حكرا على شريحة معينة دون اخرى او عمر محدد او قومية محددة ولان المعرفة الدينية باللغة العربية لان القران والسنة عربية فان الدارس من غير العرب عليه ان يتقن العربية حتى يتمكن من الدراسة ويجلس في اي حلقة دراسة حسب استيعابه للمادة يستطيع ان يجلس

والامتيازات التي تمنح لطالب العلم هي من الحقوق الشرعية ولذا فان اي حلقة دراسية تزدهر حسب المستوى العلمي للمعلم ودرجة اجتهاده وعندما يكون للمجتهد مكانة مرموقة ومشهورة عبر البلدان فان التزاماته تصبح اكثر من حيث عدد الطلاب والدروس المطلوبة وعدد المعلمين والخدمات التي تقدم لهم من سكن ورواتب وغيرها وهذه الامور لابد لها من اشخاص ثقة يقومون بتنظيمها لذا فان بعض المجتهدين يختارون المقربين لهم من ابناء او اصهار وبعضهم يختارون اصدقاء او ابناء علماء وهكذا ، والعجيب هي الضغينة والشكوك التي يثيرها المشككون عندما يكون الابن هو مصدر ثقة عند ابيه فهل المرجع ملزم ان يبعد ابنه ويقرب غيره ؟

ولهذا كثر اللغط بخصوص ابناء السيد الحكيم والسيد الخوئي والسيد السيستاني ، وليس لديهم ما يثير الشك على عملهم سوى انهم ابناء المراجع

وعندما يتسع عمل المرجع من خلال افتتاح مؤسسات خيرية او علمية او خدمية فمن الطبيعي هكذا مؤسسات بحاجة الى ايدي امينة لادارتها وهنالك مؤسسات تابعة للسيد السيستاني ادارتها من قبل اشخاص مخلصين وامينين لا صلة لهم بالسيد السيستاني مثلا مؤسسة العين ، مؤسسة مرتضى الاعلامية مستشفى في النجف واخرى خارج العراق من حقوق نفس البلد .

ومسالة الحقوق الشرعية فان المراجع لا يلزمون المقلدين بتسديد الحقوق لهم بل لكل مرجع اسلوبه في ابراء ذمة المقلد من الالتزامات الشرعية وللمقلد مطلق الحرية في الالتزام من عدمه فلا يحمل المرجع سوطا ليجلد من لا يسدد الخمس له .

ومن هذه الحقوق يتم تسديد رواتب الطلبة وطباعة المناهج الدراسية وما شابه ذلك ، فالمكان او المدينة التي يسكنها علماء فضلاء وفيها مكتبات تتوفر فيها مصادر الدراسة وبقية الاجواء التي تساعد على الدراسة من مكان للتدريس وللسكن فانها تصبح حوزة اي المدينة تسمى حوزة مثلا حوزة الكاظمية ايام المفيد وحوزة كربلاء ايام البهبهاني وشريف العلماء وحوزة النجف ايام الطوسي واليزدي والاصفهاني وحوزة سامراء ايام الشيرازي وحوزة الحلة ايام الحلي وهكذا

وبالنسبة للمؤسسات التي يتم تاسيسها من قبل المراجع بما فيها التي خارج العراق فان لها دورا مهما في نشر الثقافة الاسلامية في تلك البلدان وتكون همزة الوصل بين المسلمين المغتربين والاجانب والمرجعية ولهذه المؤسسة نظام اداري خاص بها ، ومؤسسة السيد الخوئي في لندن منها ، نعم قد تحدث بعض المعوقات في ادارتها خصوصا بعد وفاة السيد الخوئي وهذا ليس بسبب دنيوي او امتيازات دنيوية بل هنالك امور ادارية وعلاقات خاصة بالمؤسسة مع جهات وشخصيات اجنبية تخدم المؤسسة كما وان المؤسسة ليست استثمارية ولو كانت كذلك لما تعنى السيد عبد المجيد الخوئي الى العراق المضطرب والملتهب ليترك نعيم المؤسسة وياتي الى مقتله لولا غيرته على المذهب .

والكلام كذلك حول السيد محمد تقي الخوئي الذي استشهد بحادث مدبر من قبل طاغية العراق فانه لو كان يفكر بالدنيا وبمصلحته لما فكر النظام باغتياله ، واما بالنسبة لابناء السيد السيستاني او اصهاره فان اسلوبهم بالعمل هو حرصهم على ما يؤتمنون عليه من اموال وادارة ، والا لو كان احدهم على شاكلة السيد عباس ابن السيد الخوئي لتهافتت عليهم العربية والجزيرة ووصال والمستقلة لاجراء لقاءات معهم بل يطلبون منهم كما طلبوا من عباس الخوئي ان يكون ظهوره بالعمامة .

لماذا لا تنظرون الى النتاجات التي قدموها من خدمات ومعرفة ؟ لماذا تبحثون عن المشاكل والتي هي طبيعة فالاختلاف في الرؤى لادارة المؤسسات امر طبيعي وليس بالضرورة ان نشكك في احد الاطراف لان غايتهم جميعا هي نشر المعرفة الدينية

هنالك من يتجنى ويطلق الكلام جزافا ويقول ان المرجع هنالك اياد خفية تصنعه وهو نفسه يقول ان السيد السبزواري قدس سره الذي التف حوله المقلدون لم يكن في حسابات صناع المرجع ، فلماذا اذا التف المقلدون حول غيره يعتبر صناعة ؟

وهذا الخلط بين التجديد وادارة مؤسسات المرجعية هو عبارة عن ايجاد منفذ للطعن باداء المراجع وهم يعلمون علم اليقين ويعلم العدو قبل الصديق ان مرجعية الامامية مستقلة بكيانها ولا احد يؤثر عليها ولا توجد قوى خفية او علنية تسيطر على القرار المرجعي وكم من طاغية او مسؤول اجنبي وعبر الزمن حاول شراء المرجعية من خلال اغداقهم بالاموال للمراجع فباءوا بالفشل .

قام السفير الانكليزي ايام نوري السعيد بزيارة السيد ابي الحسن الاصفهاني قدس سره واثناء اللقاء قدم السفير الانكليزي صك بعشرة الاف دينار هدية للسيد، فاخذه منه السيد وكتب عليه يوزع على عوائل قتلى المسلمين الهنود الذين قتلوا بسبب الانكليز واعاده للسفير . هكذا يتعامل مراجعنا حتى نوري السعيد انذهل من التصرف فقال له السفير الانكليزي جئنا لكي نشتريه فاذا هو اشترانا.

***

 سامي جواد كاظم

في المثقف اليوم