أقلام حرة

ليس ذنب العلماء من يغالي في مدحهم

المقدمة.. ارجو ان لا يكون هنالك خلط بين مكانة العالم والمساس بما يوصف به من خوارق، نعم قد يكون هنالك صفة عرفانية لعالم معين تخصه وتهذب تصرفه لا ان تكون حجة على الاخرين في اتباعه، فالعرفان خاص واي عالم يدعي العرفان لنفسه فهذا يجلب الظن السيء فيه لانه ليس من اللائق ان يدعي العالم الخوارق . اما المشكلة الحقيقية في من يتبع هذا العالم او ذاك فينسب له العرفان الذي ما انزل الله به من سلطان ويكونوا مادة استهداف الخطاب الاسلامي .

مؤلفات كثيرة خسروا عليها اموال طائلة لا تخدم الخطاب الاسلامي لان ما فيها لا يمكن اثباته هذا اولا وثانيا لا تؤثر على الراي المخالف كي تقنعه بالخطاب الاسلامي، اسلوب الكتابة عن سيرة العلماء يفضل الكتابة عن انجازاته التي خدمت الاسلام والمسلمين، نعم المخاطبة بين العلماء فيما بينهم مثلا عند منح اجازة رواية او اجتهاد فان الفقيه يكتب عبارات اطراء لمن يمنحه الاجازة مثلا العالم العابد الزاهد الوحيد في زمانه الظاهر ايمانه المجتهد في دينه عالم وعيلم وما الى ذلك من عبارات، اما ان تضمنها كتاب للحديث عن سيرته فتجعل صفحة او نصف صفحة فيها هذه العبارات فانها لا تضيف معلومة للقارئ، واما الحديث عن الخوارق التي من السهولة ان يشكك فيها الموالف وينكرها المخالف فسردها لايحتاج الى عناء، ولان القارئ من حقه ان يسال عن صحة ما يقول فتصبح محل تشكيك، فمثلا تقول ان العالم الفلاني له امكانية عن ان يموت اختياريا ويعود للحياة اي انه باختياره يخرج روحه ويعيدها هذه الروح التي علمها عند ربي كيف يمكن للعبد ان يسيطر عليها ؟ وهذا يمتدح عالم اخر بانه كثير اللقاء بالامام الحجة (ع) ومثل هذا الموضوع من يثبت صحة اللقاء؟  وكما قال السيد كمال الحيدري الذي اختلف معه في كثير من اطروحاته فانه يسال هل هنالك من يعرف ملامح وجه وشكل الامام المهدي عليه السلام؟ فكيف نعلم بمن نلتقي به هو الامام او نصدق من يقول انا الامام المهدي؟ هكذا اراء هي التي شجعت الكثيرين ممن ادعوا المهدوية، وارجو ان لا تخلطوا في المفاهيم، فالامام موجود ويسدد خطى العلماء الذين هو يرتضيهم هذا لا جدال فيه اما من يدعي ان له علاقة ومكاشفة معه فان هذا الامر نفاه السفير الرابع وشدد عليه . نعم نتعرض لمواقف نشعر فيها بطمانينة من نلتقي به من غير موعد او سابقة وبعد الفراق نعتقد بانه الامام المهدي مهما يكن فلنحتفظ بهذا الموقف لانفسنا لا ان نفرضه على غيرنا او نتحدث به قد يكون صحيح ولكن اثباته مستحيل

نحن لا نشكك بما هم عليه علماؤنا من الايمان والعبادة والتسديد الالهي هذا امر مفروغ منه لكن الاطراء الفائض بحقهم يولد العكس، لماذا لا تتركوها طبيعية ؟ السيد علي الحسيني السيستاني حفظه الله له مواقف وبيانات وكلمات رائعة تخدم الخطاب الاسلامي فهذا هو بحد ذاته يجعل منزلته مصانة في عقولنا وعقول مخالفينا وان كان هنالك من يفرط في مدحه وانا اجزم ان السيد في غنى عن هذا المدح .

هنالك عالم زاهد ذهب الى السوق ليشتري حاجة من محل ما وكان في المحل من يعرفه فقال لصاحب المحل راعه في السعر لانه عالم زاهد، فغضب العالم وقال له انا زاهد في الاديان وليس في الاثمان، هكذا هو العالم الزاهد فانه يزهد لنفسه ولا يريد ثمن زهده .

مكانة العلماء تبقى محفوظة ولا عجب انها بسبب المدح الزائد تصبح مخدوشة والذنب هو ذنب من يمتدحهم بافراط ومن غير تثبت ومهما كانت نيته.

***

سامي جواد كاظم

 

في المثقف اليوم