أقلام حرة

الرِثاء بلاء!!

صادق السامرائيبلية الأمة الكبرى والمغفولة تكمن في هيمنة الرثاء على نشاطاتها، فما فيها يدفعها إلى أن تنتكس وتنكسر وتتظلم وتتشكى وتجلد ذاتها وموضوعها، وتستحضر الندب والتحسر والتأسف والنواحيات الجسام، فما يجذبنا الحزين الدامع المهين.

أستمع لنصوص شعرية تسمى بالرائعة، وموضوعاتها رثاء الأمة وتسفيه وجودها، والإجتهاد في اللطم على جثتها، وهي مقارنات حزائنية ما بين الحاضر والماضي، ولهذا فأن معظم دولنا ماضيها القريب أفضل من حاضرها المُعيب.

ترى لماذا التباكي والتظلم والندب الشديد؟

هل هذا إبداع؟

وهل توجد في أمم الدنيا مثل هذه التوجهات التمويتية لوجودها؟

الإبداع لا يعني البكاء، والوقوف على الأطلال، الإبداع: (إنشاء، إختراع،إجادة، إتقان، الإتيان بأصيل)، وليس تنويم وتنكيل وتعطيل وتأنيب، وإمعان بإستلطاف الدموع والمذلة والهوان، والإنتقاص من قيمة الأمة، والحط من معنى الإنسان.

فهل وجدتم إبداعات عند المجتمعات الأخرى تذرف دموعا كإبداعاتنا؟

الكثيرون يترجمون إبداعات أجنبية، وما قرأنا نصا مترجما يبكي ويتشكى ويتظلم، وإنما النصوص تطفح بإرادة الحياة والتطلع نحو المستقبل، وتتفاعل مع أفكار ذات قيمة إنسانية ومعرفية وثابة.

يرسل لي أحد الصدقاء قصيدة ويقول، هذه من أروع ما قرات، وعندما أتصفحها أجدها ترثي وطنا وتنعى مدينة، وتبث المشاعر السلبية وتعلن أن الإستسلام منهجنا المبيد.

أ هكذا  إبداعنا الذي نقترب منه ونتلذذ به؟!!

فهل أن الإبداع المتفائل لا يدنو منه أحد؟

أظن الواقع يشير إلى ذلك، ولهذا لكي يسوّق الإبداع عليه أن يكون رِثائيا، وممعنا بالتعبير القاسي عن الحالات، فكأننا مواقد أحزان تبحث عمَّن يؤججها، ولا يتلاءم مع ذائقتنا النفسية غير الكتابة بالدماء والدموع والرماد والسُخام (سواد القدر)!!

***

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم