أقلام حرة

تعمّيق الجُرح.. أقلية حاكمة وأكثرية محكومة

عبد الخالق الفلاحالصراعات تعمّق الجُرح مرشحة لتصبح أكثر حدة  لا سامح الله وتجربة نيابية فاشلة في العراق "أقلية حاكمة وأكثرية محكومة" والمطروح هل تستطيع السلطة القائمة أن تقنع جميع الأطراف من عدم الانزلاق نحو الصراع وهي بالضعف الذي لا يختلف اثنان في الإشارة إليه، خاصة أن معظم أجهزة الدولة، الأمنية يصعب الحفاظ على حياديتها ولا يمكن ان يكون لها الدور الحاسم في التصدي للصراعات إن اندلعت وهي ليست لصالح شعبه، وليست تنافساً لتقديم الأفضل بقدر ما هي من أجل بقاء بعض القيادات في الساحة السياسية للتمتع بالمزيد من الامتيازات التي أدمنت الحصول عليها من جهة، وضمان الحماية من المساءلات القضائية حول الكثير جداً من القضايا على مختلف الصعد، إذا صعدت جهات أخرى إلى مواقع صناعة القرارات من جهة أخرى .

لم يؤدّ أيّ حراك فيه إلى تحقيق التنميّة الاقتصادية والازدهار، كما يطالب بهما عامة المواطنيين منذ زمن طويل وتحقيق العدالة وإعمار المدن المسحوقة والمهملة في كل انحاء البلاد، وإحياء الهوية الوطنية بديلا عن "المكوّنات العراقية"، ومعالجة الخلل الاقتصادي المتفاقم والارتفاع المتسارع للبطالة واستئصال الفساد  والمواطن هو اليوم في أمس الحاجة إلى دفع أجندة الإصلاح والتغيير إلى الأمام، على أن يشارك فيه كل العراقيين من دون خوف او تمييز والابتعاد عن التزام الصمت هذه اذا كانت هناك وطنية صادقة .

لقد كان  لاستحواذ طبقة سياسية معينة على السلطة وانشغالهم بهوس السلطة والنفوذ والقوة والمناصب، والتي تتوارث الحكم وفي أجواء لم تعد طبيعية فكانت كارثة لانها لا تريد أيّ فكاك منها ولم تنجز أيّ بناء حقيقي للبلاد، غير الفواجع والمعاناة، بالرغم من  تنفق مليارات الدولارات وصرفت من دون رقابة، على شبكات المحسوبية لمجاميع من الفاسدين، مع قطاع عام غير منتج، ومشاريع عامة يخطّط لها على الورق، ولكنها لا تنفّذ وتسرق ميزانياتها بسبب الفساد. وقد ربط العراقيون الفساد بعميق الجذور وإخفاقات حكوماتهم بنظام المحاصصة، وهو ترتيب تقاسم السلطة  على اساس العرق والطائفة، لتبقى الكراهية  والصراعات المرتبطة بالموقف السلبى إزاء الآخر كامنة تحت السطح، وقابلة للظهور في أي وقت، والتي هي  حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الذي ينتج بسبب التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته، وتعدّ الصراعات من الظواهر التي انتشرت عبر التاريخ بين بني البشر، والصراع ليس وليد اللحظة وإنما دائماً ما كان هناك صراعاً على الزعامة أو الدين أو المال وغالبًا ما يؤدي الصراع الوجودي الذي لم يتم حله إلى النوع التالي من الصراع - المحتوى والشكل، أو الصراع الموضعي لعدم وجود دلائل واضحة عليها، ان ما يحدث اليوم في العراق هو صراع وجودي شخصي وهذا النوع من الصراع يصعب حل تناقضه لانه كل واحد منهم  يعاني من صراع نفسي داخلي كمشكلة خطيرة تتعلق بالمحتوى النفسي، الأمر الذي يتطلب حلًا مبكرًا وكل ما مر عليه زمن يصعب حله بسهولة . ويمكن لهذا النوع من المواجهة تسريع عملية الانتقام  في نفس الوقت، مما يجبر الفرد على تعبئة  كل إمكاناته الخاصة، وإلحاق الضرر بالآخر، وإبطاء عملية معرفة الذات ودفع تأكيد الذات إلى طريق مسدود وينشأ الصراع الشخصي في الظروف التي تتعارض فيها المصالح والميول والاحتياجات ذات الأهمية المتساوية والعكس في الاتجاه بعضها مع البعض الآخر.لقد كانت الحلول التوافقية  أثر في ظل ظروف غير طبيعي تحت سطوة الوجود الاجنبي الى الابقاء على حالة عدم التوازن وفى ظل اختلال فادح في موازين القوى بين الاطياف، وارتباطه بالتالي في أوساط القطاع الأوسع من العراقيين بما يرونه ظلمًا لحق بهم ولهذا كان واضحًا منذ اللحظة الأولى أن النموذج التوافقى يواجه صعوبات كبيرة ويجب اعادة النظر فيها واعادة صياغة الدستور وفق ما ينطبق مع المفاهيم الاجتماعية الحديثة التي تتناسب مع الظروف الحالية والتي ما يؤسف عنه هو عدم الاهتمام بهذا الجانب

ومن الطبيعى أن يثير هذا السؤال خلافًا لأنه يرتبط بالخلفية السياسية والإيديولوجية، وأن يُختلف بالتالى على جوابه. ويوجد اتجاهان أساسيان في هذا المجال يُركَّز أحدهما على عوامل داخلية جوهرية إلى جانب مؤثرات خارجية ثانوية، أو يُنكر هذه المؤثرات بشكل كامل. أما الاتجاه الثانى فيذهب إلى أن المؤثرات الخارجية هى المُحرَّك الرئيسي أو الوحيد لهذا النوع من الصراعات الداخلية عن طريق استغلال الانقسام المرتبط بأزمة التعددية . المواقف المعبرة عن قوة العوامل الداخلية في حول فشل عملية بناء الدولة الوطنية، واحتكار فئات اجتماعية معينة السلطة السياسية على نحو أدى إلى اغترابها أو غُربتها عن المجتمع، واتجاه النُخب المعبرة عن جماعات ثقافية مُهمشة أو تشعر بالتهميش إلى تكثيف التوظيف السياسي في هذه الجماعات، خاصةً حين يُحال بينها وبين الحضور في مجال عام مفتوح، فيكون الاتجاه إلى تعبئة جماعة ثقافية أو أخرى بمثابة رد على الاحتكار السياسى وان الصراع على السلطة لابد من ان يتوقف فالجماهير قد تتخلص نهائيا من قيود القهر السياسي وضغط الحاجات المادية  للتحرك تحت مظلة الاطار السياسي  السلمي والعلمي لقوة التغيير .

***

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

في المثقف اليوم