أقلام حرة

من ذاكرة يوم 8/8

ثامر الحاج امينلا غالب في الحرب.. هذا ما لم ندركه يوم صمتت المدافع وتوقفت طبول الحرب بعد سنوات قاسية من القهر والخوف والترقب، وبعد انهار من الدم سفحتها آلة الحرب المجنونة وعقولها الغبية، يومها خرجنا الى الشوارع راقصين كالمجانين خالعين هيبتنا من فرط البهجة دونما استحياء من أرواح الأحبة التي طحنتها ماكنة الحرب ودونما اكتراث لسنواتنا الجميلة التي ضاعت هدرا بين الخنادق ورمال السواتر ومصاطب الخردة من سيارات الزيل والإيفا التي كانت تقلنا الى ساحات الموت، كنا لحظتها فرحين بانتصارٍ موهوم ربما كان وراء ذلك الشعور بالخلاص الذاتي من الموت وعدم ادراك خساراتنا اللا منظورة في غمرة ذلك الجنون، يا له من حكيم (اريك ماريا ريماك) حينما نطق بالحكمة بطل روايته " كل شيء هادئ في الميدان الغربي " وهو يقول (هذا الجيل بأكمله قد دُحر وهُزم في الحرب حتى الذين نجوا من قذائفها)، ما اراده ريماك في قوله اننا خرجنا من الحرب مهزومين ومشوهين ايضا وكل منا يحمل عاهته، فمن نجوا من حرائقها وفلتوا من مخالبها هم مرضى ومشوهون فقد ظلت اشباح الحرب وضحاياها وجلهم من الاحبة تطاردنا في اليقظة وفي الاحلام، وفي سنوات الحرب تعرضت الأرواح لأزمات وتشوهات لا حصر لها، وصار الكثير لا يقوى على مواصلة الحياة فضاع في دوامة اليأس وكوابيس الانتحار وافرازات الخراب الاجتماعي، اغرقتنا الحرب بدمائها وكوابيسها وطالت اكثر مما يجب فقد كان للحرب تجارها وهناك من لا يريد لنارها ان تخمد ففي القتل تزود البعض بـ (الاسترجال الذكري) وهو ما وصفت به " حنان الشيخ " بطل روايتها احمد في رائعتها " حكاية زهرة " فهناك من وجد في القتل قوة على الاخرين وطرقا لكسب المال بالسرقة والنهب حتى كأن انتهاء الحرب تعيقه ونهايتها تعني بالنسبة له نهاية هويته المبتذلة التي اضفتها عليه هذه الكارثة،  يا له من يوم تناسينا فيه كل ذلك الضيم والقهر ورقصنا ابتهاجا ممزوجا بالدموع .

وااه كم هي الحرب لعينة، لقد سرقت منا الكثير وما يزال تجّارها لم يشبعوا من سرقة أعمارنا وخيراتنا .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم