أقلام حرة

مرتضي منصور.. ومأزق الشخصيّة الجدليّة

محمود محمد عليلا تخلو الخبرة الإنسانيّة من شخصيات نالت حظاً من الجدل والاختلاف والخلاف فيها أكبر من غيرها، هي شخصيات يُمكن وصفها بـ" الشخصيّات الجدليّة"، ومرتضي منصور رئيس نادي الزمالك شخصية كثيرة ما أثارة الجدل، تارة على الساحة السياسية، وأخرى على الساحة الكروية، فهو من أكثر الشخصيات القيادية حضوراً ما بين "أتباع له ولأقواله" و"أعداء له ولآرائه".

ورغم هذا الحضور الطاغي لاسم مرتضي منصور في مشهد السجال الكروي، فإنّني أرى أنّ أكبر الغائبين المغيَبين في هذا المشهد هو " مرتضي منصور" نفسه! وكبرى ضحايا هذا السجال هي قضايا مرتضي منصور نفسها؛ فـ" مرتضي منصور" مظلوم عند "أتباعه ومُعظِّميه" قبل "مخالفيه وكارهيه"، والراصد لمواقف "الأتباع" و"المخالفين" يلحظ أنّ أغلب أفراد الفئتين ينطلقان من موقف حَديّ حاد لا يعترف إلا بالأسود والأبيض لونين؛ فإمّا أنّ "مرتضي منصور" خير كلّه أو شرّ كلّه. وهذه "الحَديّة" و"الحِديّة" سمتان ترافقان سيرة "الشخصيّات الجدليّة"، وكلما ازداد الجدل ازداد تطرّف المواقف في حَدّيتها وحِدّيّتها.

وهذه المرة يكون الجدل والحدية بسبب حكم بالسجن ضد مرتضي منصور في القضية المتهم فيها بسب وقذف رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب، فقد قضت محكمة جنح مستأنف الاقتصادية، بمعاقبة مرتضى منصور - رئيس نادى الزمالك بالحبس شهر مع الشغل والنفاذ , وذلك في الاستئناف الذى تقدم به على حكم محكمة أول درجة والقاضي بحبسه سنة لقيامه بسب وقذف الكابتن محمود الخطيب.. صدور الحكم برئاسة المستشار أدهم فهيم وعضوية المستشارين وليد زكى ومحمد صلاح البيطار.

وكانت محكمه جنح الاقتصادية برئاسة المستشار شريف البيلي رئيس المحكمة وعضوية المستشارين أحمد خالد الشايب و إبراهيم أسامه دسوقي - الرئيسين بالمحكمة وبحضور عبد الرحمن مصطفى وكيل النيابة بأمانة سر أحمد شعبان قد قضت بمعاقبة مرتضى منصور بالحبس سنة مع الشغل، وكفالة 10 الاف جنيه لإيقاف التنفيذ وتغريمه مبلغ 10 الاف جنيه , وإلزامه بأن يؤدى للمدعى بالحق المدني محمود الخطيب مبلغ 10 الاف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت وإلزام المتهم بمصاريف الدعويين المدنية والجنائية ومبلغ خمسون جنيهاً أتعاب محاماه في جريمة جديدة ارتكبها منصور في حق الخطيب.

وقام مرتضى منصور بعمل استئناف على الحكم وقضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم من الحبس سنة إلى شهر مع الشغل والنفاذ , وذلك في القضية رقم 83  لسنة 2022 جنح اقتصادية في القضية المرفوعة من الكابتن محمود الخطيب رئيس مجلس إدارة النادي الأهلي ضد المحكوم عليه بالسب والقذف والطعن في عرضه وخدش سمعة عائلته.

وبعد صدور الحكم انتظر الجميع بيانا من مرتضي منصور للتعليق كما أعلن على صفحته الرسمية على فيسبوك، لكن بدلا من البيان نشر مرتضي منصور على صفحته فيديو لنفسه وهو يلعب تنس الطاولة، فابتسم وكتب تعليقا ساخرا يقول " دا ردي أنا مش فاضيلكم لما أفضي أجيلكم " .. طبعا وهي أغنية للمطرب الشعبي المصري " أحمد الشيبة" تقول :" انا مش فاضلكو لما افضي اجيلكو.. هتشوفو مني حاجات غريبه بشكل تاني.. وانتو وناصيبكم لما ابقي اجيلكم.. بس ابقو سدو على اللي يطلع من لساني.. الخ".

لكن بعد ساعات خرج مرتضي منصور عن صمته وأدلي بتصريحات لقناة الزمالك :" بقول لمحمود إبراهيم السيد الخطيب لا عاوز تنازل ولا عاوز تصالح وبدأت المعركة جدية بيني وبينك لنهاية العمر.. الخ.. وحتى كتابة المقالة لم يتم القبض على مرتضي منصور ولم يعلق الخطيب على صدور الحكم، لكن المستشار القانوني للنادي الأهلي " محمد عثمان " تقدم بطلب للسلطات المصرية لمنع مرتضي منصور من السفر خارج البلاد، كما صرح لبرنامج دربي الرياضي لإذاعة القاهرة الكبرى بأن الحكم بات واجب التنفيذ .

والحكم أشغل مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للحكم، ولا املك إلا أن أقول اتفقنا .. اختلفنا مرتضي منصور رمز للكيان وفعلا وجوده استقرار لنادي الزمالك وبطولاته... وتوقيتات قضايا مرتضي منصور دائما ما تبزغ جليا في الوقت الذي يكون فيه الزمالك مركز ومتصدر الدوري المصري.. دائما يحاول البعض إدخال الزمالك في دوامات.. لكن الزمالك لن يسقط ولن يعود لعصور الظلام مرة أخرى.

***

أ.د. محمود محمد علي

أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل بجامعة أسيوط

في المثقف اليوم