أقلام حرة

لماذا تفشل الثورة ؟!!

فاضل الجاروش الثورات تحدث وحسب.

ثار البركان بمعنىٰ أنه هاج بعد سُبات، وظهر بعد أحتباس، فهو بذلك أصبح ظاهراً للعيان، مؤثراً على الأذهان، مُذهلاً للجَنان.

هكذا هي الثورات

تراكمات من الغضب والآهات، تحت غطاءٍ سميك من القبول والقناعةِ، وقلة الحيلة والمُراعات والمُدارات، حَتىٰ أذا أنفتحت فُوهتٌ

هنا او هناك بفعل فاعلٍ، أو بقدَرٍ نازلْ، وفار التنور وأنقلبت الأمور وتناثرت الصخور وأحمر الساطور ومُلأَ الشاجور وذهب السكون وأهتزت الشجون وانهمرت العيون وفُتحت السجون ،، فلا حادٌ يحُدها ولارادٌ يرُدُها ولابابٌ يسُدها إلا أن تصلَ مُنتهاها وتبلُغَ مُبتغاها، فيخمُدُ أوارُها وتنطفؤ نارُها ويخِف خُوارُها، بعد أن هَربَ مَن في الدار وأحترقت الأشجار وسُجرت الأنهار وغُلِقَت الآبار وأرتاب الجارُ بالجار. فلا ماءٌ يُشرب ولا أُكلٌ يُطلب ولا عزٌ يُهاب ولا أمرٌ يُجاب ولا هتكٌ يُعاب.

ثم تهدأ الأمور و تبرد الصُخور ويدور الناعور ليسقي الأرض البور كي يرجع العصفور، يغازل السنابل والنحلُ في المعاسِل والماءُ في المغاسل والنار في المراجل وتبقىٰ فوهت البركان شاهدةٌ علىٰ مرور الثوار من خلالها يوماً.

الثورات تقع وحسب. وعند وقوعها لابد أن تحدث أثراً مباشراً أو غير مباشر، لذلك فأن السؤال لماذا تفشل الثورات انما هو سؤالٌ خاطئ في أصله. الثورة تفشل فقط عندما يُراد لها أن تتحول الى سلطة. وعندها لابُد لها أن تنزع ثوبها فتظهر عاريةً  لتلبس ثوب السلطة. وبذلك تكون قد قبلت أن تتعرىٰ ولو للحظة واحدة.

لذلك فأن اي ثورة هي نتاج طبيعي للأحتباس القابل للانفجار في اي لحظة وهو غير قابل للادارة ولايتوقف الا بعد أن ينفس الغضب وعندها يكون قد قام بما عليه وزيادة في إحداث الاثر، وسينتج عن ذلك خسائر لابد منها ..

أما غير ذلك مما يُخطَط له من محاولة الوصول إلى السلطه، ركوباً على طوفان النار فإنه ليس من الثورةِ في شيئ انما هو ماينتج عنها عرضاً من مخططات سياسية مستعدة أن تتعرىٰ تحت عنوان الثورة والثورة منهم براء فإن نجحوا فلن تسترهم المعاطف ولن تغنيهم المعازف وأن فشلوا فستدفنهم المجارف.

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم