أقلام حرة

الإبداع الصَدَوي!!

صادق السامرائيالصدوي من الصدى: التردد، التجاوب

ما يُسمى بالحداثة وما بعدها، وربما بعض ما قبلها، يمكن وصفه بالإبداع الصَدوي، أي النابع من مشاعر الدونية والورائية، والنقصانية، والتوهم بأن الآخرين أفضل منا وعلينا أن نستنسخهم لنكون، فتأثرت الإبداعات وأصبحت صور منقولة عن الغير، دون الأخذ بنظر الإعتبار البودقة البيئية والإجتماعية التي أوجدتها.

فكانت الحالة منذ منتصف القرن العشرين، أشبه بزراعة النخيل في القطب الشمالي؟

هذا التماهي أوجب حالات غموضية ورمزية وهمية، أوجبت على الإبداع أن يكون محيرا و(مدوِّخا)، فالمباشرة والوضوح تعبّران عن الرداءة والإبتذال، ولا بد من التعمية والتمويه،  وتأكيد مفهوم (المعنى في قلب الشاعر)!!

ومن المعروف أن التماهي لا ينتج إبداعا أصيلا، لأن الأصيل يولد من رحم الأمة الثقافي والمعرفي، فالذين يغفلون ذلك، يميلون لإستحضار الأساطير، والتحليق في فضاءات الإشارية، وعدم التقيد بإرادة التجديد والتعبير المتواكب مع عصره، كما فعل العديد من مبدعي الأمة منذ عدة قرون.

فالتجديد الإبداعي حالة متواصلة في مسيرة المجتمعات على كافة المستويات، ويمكن إستجلاءه من متابعة الشعر والكتابات الأخرى، ففي كل عصر أدوات تتفاعل مع معطياته، وتعبّر عن تفاعلاته ولا بد لها أن تكون مختلفة عما سبقها.

إن الحداثيين إنطلقوا من أن الواقع العربي جامد، وهذه فرية أريد بها الإتقضاض على حقيقة الأمة وجوهرها، فالأمة كغيرها من الأمم، إنطلقت وخبت، وتحدت وتواصلت، وتفاعلت مع عصورها المتغيرة بإرادة بقائية فائقة، والعقبة الكبرى التي تواجهها تكمن في نخبها المتنوعة، التي تنطلق من نظرة سلبية لا رصيد لها من الواقع، وتستحضر ما يبررها من الحالات الموجودة في جميع الأمم.

فهل إبداعنا أصيل؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم