أقلام حرة

بين قضاء ماليزيا وقدر العراق

علي حسينمنذ أن قرر النائب "أبو مازن" استخدام سلاح "الجوبي" في مواجهة تسريبات الفساد والعمولات، ونوابنا الأفاضل، السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل السياسة إلى سوق تعرض به أصناف الألاعيب وعبارات من عينة "نحن أو الفوضى". الحمد لله وسط الأزمات وجدنا خبراً يضيف مسحة من الطرافة إلى أخبار السياسة في بلاد الرافدين، من خلال رغبة "الزعيم" أبو مازن بأن يعلن انتصاره على القضاء والقانون، وهو الأمر الذي أثار موجة من السعادة والارتياح لدى أبناء هذا الشعب.

هل هناك ما هو أسوأ؟.. نعم، سأخبر جنابك أن البعض يقايض العراقيين بين الفوضى والموت أو الرضى بما مقسوم.. لا يهم أن يعم الفساد والخراب، المهم أن لا يتهور هذا الشعب ويخرج منادياًبحقوقه.. لايهم ان يعم الخراب.. المهم ان الكراسي سالمة.

وأتمنى وأنت تتابع معي صولة بعض النواب في الفضائيات، أن تلاحظ أيها المواطن العزيز.. ما نشرته معظم صحف العالم أمس و"بالبنط العريض: " صادقت المحكمة الفيدرالية في ماليزيا على الحكم الصادر بحق رئيس الوزراء الأسبق نجيب عبد الرزاق بالسجن 12 عاماً وتغريمه ما يزيد على 55 مليون دولار". وايضا أن لا ينسى جنابك، أن نجيب عبد الرزاق هذا ينتمي إلى حزب كبير لديه مقاعد كثيرة في البرلمان ومسؤولين كبار في الدولة.

والآن، هل جنابك مُصرّ على معرفة الفرق بين ديمقراطيتنا "العظيمة" وديمقراطية بعض البلدان العرجاء؟.. هل تريد أن تعرف الفرق بين أحكام القضاء في ماليزيا وبين غياب المدعي العام العراقي عن الأنظار؟ فاسمح لي أن أورد لك، أن القرار ليس بالحبس فقط وإنما بمنع نجيب عبد الرزاق من ممارسة العمل السياسي".

إحفظ هذه العبارة الأخيرة رجاءً.. المنع من ممارسة العمل السياسي.. فأنت وأنا نعيش في ظل عملية ديمقراطية سمحت لمن نهب وسرق وزور أن يظل صاحب الصوت الأعلى !.. أما في ماليزيا فقد تصدرت صورة رئيس وزرائها وراء القضبان الصفحات الأولى.. فالجريمة هناك لا حماية له، كما أن القانون ليس مزاجاً شخصياً.

في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الإعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطئ السياسي أو المسؤول تصبح كل أفعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات... فتصدر عن السياسي عشرات المقالات والكتب عن قضاياه الشخصية. وتدخل الصحافة إلى زوايا أسراره الخاصة لكي تنبش فيها. دمرت الصحافة البريطانية مستقبل جونسون السياسي لأنه اقام حفلة صغيرة اثناء تفشي كورونا، ومنعته من الوصول ثانية إلى كرسي المسؤولية.. فيما نحن لا نزال نصر على أن نغلق أبواب الحقيقة أمام الناس.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

 

في المثقف اليوم