أقلام حرة

النقل والعقل!!

كلمتان لعبتا دورا خطيرا في مسيرة الأمة، منذ قرون عديدة ولا تزالان تتحركان بعنفوان في ميادين الذروة والقول باليقين والبرهان.

فما هي العلاقة بين المنقول والمعقول؟

النقل أن تتمسك بحالة دون أن تعقلها، وأكثرها أقوال وتوصيفات شاهدها شخص ما، فعندما نقلها عقلها، أي أن المنقول لا يكون كذلك دون عقله أولا، فلكي تنقل شيئا أو تصفه، تُفعّل عقلك للتفاعل معه.

فإذا قلتَ رأيتُ فلانا يعمل كذا وكذا، تستعمل عقلك للتوصيف، فالذي رأيته عقلته أولا ثم نقلته، فالمنقول في جوهره معقول في أوانه.

فلا يوجد منقول مجرد ولا معقول مفرَّد!!

المنقول والمعقول متداخلان، فعندما يُعقل الشيئ يُنقل، ولهذا تجدنا أمام معطيات العقل التي تسمى تفسيرات وتأويلات وغيرها، يتواصل نقلها بين الأجيال، وفي حقيقتها ليست إلا منحولات، ومن معطيات مكانها وزمانها، لكنها تفعل فعلها في الأجيال، وتستبيح حاضرهم وتعطل عقولهم، وتدفعهم إلى التقليد والتجميد والتخميد.

فالتقليد إستعباد، وهو يعتمد على فرية النقل، وإلغاء دور العقل، ليوهم الأتباع المنضوين تحت عمامته بالفرق بين العقل والنقل، فالعقل كفر وزندقة والنقل إيمان صحيح.

 إن لعبة النقل والعقل لا أساس لها، وهي أسلوب تجاري لتسويق نوازع النفوس الأمّارة بالسوء، فتتخذ منهما وسائل لتمرير بضاعة مقنعة بدين.

إن الدين القويم يسير، وبهذه الإدّعاءات يتحقق تعسيره وتعقيده، لإيهام الناس بأنهم جهلة وعليهم أن يتبعوا صنما بشريا ما.

فما أيسر الدين وأكذب أدعيائه والمتاجرين بجوهره!!

فدع نقلا وعقلا وتمسك بالواضح المبين!!

***

د. صادق السامرائي  

 

في المثقف اليوم