أقلام حرة

فلسفة تجار الحرب

يصف الفيلسوف الفرنسي "هنري برغسون" الحرب انها (تسلية الزعماء الوحيدة التي يسمحون لأفراد الشعب المشاركة فيها) وهذا القول ينطبق على الكثير من الحروب التي شهدها العالم والتي حدثت بإرادة الحكام الذين يدفعون بشعوبهم الى آتون الحرب من أجل ارضاء نرجسيتهم واستعراض قوتهم غير مكترثين بتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، وغالبا ما تكون الشعوب في الحرب مغلوب على أمرها وواقعة بين مطرقة الحاكم وسندان تجار الحرب الذين يقتاتون على موائدها ويلعبون دورا فاعلا في اشعالها واستمرارها، فمنهم من يزود اطرافها بالسلاح ومنهم المحرض على ابقائها ومنهم قبيح الروح وقاسي القلب الذي يلتزم الصمت أزاء الحرب وهو بإمكانه ان يفعل شيئا لإطفاء حرائقها ووقف نزيفها  والحكام في كل الأزمنة يستغلون الجهلاء ويدفعون بهم الى المحرقة نيابة عنهم .

وكمٌ كبيرٌ من الأدب الانساني كُتب عن الحرب وأهوالها وحذر من تداعياتها على مستقبل الشعوب حتى شعرنا الشعبي العراقي كان له حضورا في ادانة الحرب وتجارها وأقف هنا عند أبيات الشاعر صاحب الضويري الذي جسد فيها ببساطة متناهية قسوة الحرب وبشاعتها وأدان الحكام الذين يرون فيها نزهة وطريق لتحقيق مجد شخصي بلا حساب لمشاعر الشعب الذي يعيش في ظل الحرب حالة من القلق والترقب والأمل بنهايتها والاطلالة على صباح خال من الدم وصوت الرصاص فهو يختصر كل هذا في قوله :

الحرب هاي الحرب ماهي مراح

ولا مزامط خيل ياهو الرابحة

ولا هو ليلة تفوت والله ونستراح

ونصْبحْ بوجه الصبح ونصابحه

في الأشهر الأولى من اندلاع الحرب العراقية الايرانية في ثمانينيات القرن الماضي، سُئل مسؤول امريكي كبير عن موقف الولايات الامريكية من تلك الحرب فأجاب: من الذي قال ان كل الحروب هي حروب سيئة؟ . ويقصد بهذا طالما ان الطرفين المتحاربين ويقصد ايران والعراق ليسا صديقين لأمريكا فدعهما يستنزفان دمائهم وقوتهم ففي ذلك مصلحة لنا، هذا هو منطق وفلسفة تجار الحروب، لا تهمهم الارواح البريئة التي تُزهق ولا الثروات الني تُهدر ولا مخلفات الحرب وتأثيرها على النفوس والارواح، فمصلحتهم لها الأولوية .

***

ثامر الحاج امين

في المثقف اليوم