أقلام حرة

المثقف المعوَّق سلوكيا!!

حشود من المثقفين والمفكرين والكتاب، والواقع العربي لا يتنامى فيه تيار مستنير يساهم بوضع النقاط على الحروف، وردع الكراسي وإرغامها على الإعتراف بحقوق الإنسان وقيمته، ودوره في صناعة الحياة الحرة الكريمة اللائقة به، والسؤال لماذا؟

وسيكون الجواب المكرر التلقائي، إنها السلطات تهمّش المثقف وتنكر دوره وتنابزه العداء.

فأين العيب في الكراسي أم في الأقلام؟

لا يجوز القول أن العيب في الكراسي وحسب، فكل كرسي يريد أبواقا تهتف بما يساهم بفرض سطوته، والتعبير عن قوته وقدرته على الحكم، والهيمنة على مقدرات الحياة في بلاده، وفقا للمفاهيم المتوارثة عن الحكم.

كما لا يجوز تبرئة الأقلام من دورها في تقرير سلوك الكراسي المناهض لها.

فأصحاب الأقلام بأنواعهم، ينقسمون إلى عدة مجاميع وإتجاهات أمام السلطة، فقسم معها وآخرون عليها، وتفوز السلطة بالقدرة على تنفيذ ما تريده، لأن الأقلام مُستعملة لحين إنتهاء صلاحيتها، والذي على السلطة يجد نفسه في مهب الريح، فيرحل عن البلاد ويتهجم على الكراسي.

وعندما نتابع الأقلام على مدى العقود والأيام، تكتشف العاهة السلوكية المتوطنة المزمنة في أرجاء الدول العربية.

فالمثقفون والمفكرون لا يلتزمون بمناهج حضارية معاصرة، ذات قواسم مشتركة، فكل منهم يرى ما يتصوره الصحيح، ولا يتفاعل بإيجابية مع تصورات زملائه، فيحصل التماحق، وتُباد الأقلام، ويضعف دورها وتغيب قيمتها، وتعجز عن صناعة التيار الفاعل في الواقع.

فالعلة الحقيقية في الأقلام التي ما إستطاعت الإنتصار على واقعها، بل تعبّر عنه بعاهوية ذات تداعيات مروعة.

وذلك يفسر عجز النخب عن إحداث التغيير المتوافق مع إرادة الأمة، رغم إنطلاقها منذ بدايات القرن التاسع عشر، ولا تزال الأمة ترزخ تحت ركام من التحليلات الواهية والتبريرات الطاغية، المعززة للتعفن والتأسن والإنهلاك في أتون تظافر السلبيات ومولدات اليأس والإبلاس.

ومن المثقفين كالفقهاء حول الكراسي، بعضهم يقتل بعضا للفوز بزقوم غنيمته!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم