أقلام حرة

اصطدم النظام الايراني بالواقع الذي غفله كثيرا

ما يظهر على العلن من مواقف شجاعة عند الشعب الايراني بكل قومياته وفئاته كان موجودا في ثنايا سلوكان متدوالا والموضع كان موجودا ولكن لم يبجث وكان مخفيا لجين بروز الظروف الموضوعية والذاتية لابرزاها.

انة ما حصل لم يكن مفاجئا والشيء المفاجيء الوحيد هو ان النظام الايراني لم يتعظ مما مرٌ به من قبل نتيجة سيطرة الايديولوجية ومتطلبات المذهب  والسياسة اكثر من اهتمامه بحياة الناس ومعيشتهم الاهم لدى الفرد العادي، لذلك تراه دائما يسير معتمدا على الخداع اليومي وتكتيك سياسي في التعاملات الداخلية من اجل تغطية ماهو المكمون من المبان الواضح لدى الفرد الايراني، انه يصطدم يوميا بمواقف يعلم بانها نابعة من عمق ايمان هذا الشعب الذي يؤمن بحريته وما تتطلبه الحياة التقدمية لديه ولكنه يغفل عن الموجود، ويعلم جيدا  ان هذا الشعب لازال يملك ما توارثه من نتاجات الحضارات العريقة التي تتسم بها ايران بما كسبه من تاريخه الطويل ولكنه يعتمد على تضليل الذات والتعامل كالنعامة التي تخفي راسها كي لا يراه الاتي، انه يحاول تغطية الموجود بامور خيالية عاطفية مستندة على الدين والمذهب . انها الارضية بذاتها التي دفعت الى ما حصل من ردود الافعال من استشهاد البطلة زينا اميني وان ما يحصل ليس بمجرد رد فعل لمقتل شخص واعتراض على فعل اجرامي وانما ما يعيش فيه الشعب من الغليان كسبب موضوعي يفرض ما يحصل بشكل عام. النظام يعيش تحت مؤثرات الحصار الاقتصادي والعقوبات وفوضى عارمة في الحياة الاقتصادية وتذبذب سعر العملة مع انخفاضها اخيرا لحد غير محتمل وانتشار الفقر المعدم ولازال النظام كما هو دون تغيير في التعامل مع  الواقع لايجاد المناسب الملائم مع المتغيرات التي تفرض نفسها على الواقع في اي موقع كان في البلاد. يبدو ان ذاكرة النظام ليس بقوية وينسى كثيرا ما حدث فقط بشرارة بسيطة واستفخل الامر ابان ما سميت بثورات الربيع العربي التي بدات بمجرد انتحار البوعزيزي نتيجة الظلم الذي تعرض له وبه شرع باب التظاهرات ولم تتمكن اي قوة ما ان تقف بوجهها فيما بعد ولسنا هنا على تقيم ما حصل مهما كانت نتائجها .

النظام على ماهو عليه منذ 43 عاما هو كما هو في عمقه ولم اقصد التغييرات السطحية التي شهده هنا وهناك، لم تتغير ظروف الفرد قيد انملة منذ ثورة الجميني ولحد الساعة ولم يلمس الشعب باي راحة نفسية ذاتية طوال هذه السنين. والئشيء الايجابي الذي فرزه النظام الملالي طوال مدة حكمهم هو بيان حقيقة النظام الاسلامي على الارض وتوضيح ما هو جوهره كما هو وما تاكد منه الجيمه بما فيهم الفرد الايراني بنفسه هو  انه نظام ومرتبط بمصالح ضيقة لا يختلف عن ماهو غيره لا بل اسوأ من غيره في جوانب عدة وهو  يفرض نفسه على عقول الناس باسم الاخلاق والدين والمذهب وكل ماهو ليس الا نظام سياسي مجرد من اي صفة مفارقة يدعيها الملالي قبل النظام ولا يختلف عما يقوله غيرهم في البلدان الاخرى الان. الواحة الراكدة وما تحويه من تراكمات ما فرضته الافرازات السلبية الصادرة من نظام اسلامي مماثل لما كان قبله قبل مثات السنبن، لا بل افضح.

لا يمكن ان نتنبا بالنتائج الا ان رد الفعل لما حدث اليوم مختلف ايضا. التطورات طبيعية ونظام شمولي معتمد على النار والقوة في اخماد اي اعتراض لا يمكن ان يقف مكتوفة الايدي عندما تتعرض مصالحه للخطر ويتوقف مصيره على التعامل مع هذه التغييرات. الا ان هذا النظام لا يمكن ان لا يفكر بعد الان مهما كانت النتائج وردود الافعال اوضح لديه بانه ليس كما كان قبل عدة سنوات وهو يدرك جيدا  ان الجيل الذي ترعرع في ظل ظروف الحداثة لا يمكن ان تكون لديه العقلية ذاتها التي كانت الشباب تملكها من قبل وان المؤثرات العالمية اثرت على عقلية وحياة الجيل الجديد ولا يمكن ان يتقبلوا بعقلية وادواة الجيل المنتهية صلاحيته. ان نجحوا اليوم ام لم ينجحوا فغد قريب.

الخطا الكبير هو في نظرة النظام الايراني الى قدرات الشعب وامكانياته واستعلاء نظرته وغروره، فلم يقدر قدرته وما يمكن ان يفعله في تضحياته من اجل مستقبله، وهذا ما بيٌنه خلال اليومين السابقين وما تعجٌبنا منه هو وحدة الفكر والتوجه والتعاون بين الجميع واستجابة الجميع لما هو المفروض ان يتجاوب معه اي فرد ايراني لصالج العام قبل نفسه والكورد اصبحوا كما كانوا الطليعة في العملية التي تحدث.

***

عماد علي

في المثقف اليوم