أقلام حرة

إذا تعاطى الحاكم التجارة فسد الحكم وفسدت التجارة !

عنوان هذا المكتوب اقتبست عنوانه من العلامة ابن خلدون كدليل على أن الإنسان مفطور على كرهه للفساد، الذي لا يختلف اثنان على كونه معول هدم بغيض مجرم ومحرم من رب العالمين سبحانه بدليل قوله تعالى: "ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين"، والكل يرغب في محاربته وينتظر نهايته، لما في القضاء عليه من فوائد يجني المواطن ثمراتها فيما يعيشه من أمن واستقرار، الذي يجعله قويا فخورا ببلده وقيادته، لذلك قيل: لا أحد فوق القانون"، ولا حصانة لفاسد، وأن المسؤول مهما كان موقعه يُساءل، والمقصر يُحاسب، والفاسد يُعاقب، حتى لا يتمادوا في تعسفهم على الذين لا حول لهم ولا قوة.

فكم يسعد الناس كثيرا بما يسمعونه عن استراتيجيات استئصال الفساد الفعالة، ويتمنون استنساخ نماذجها في بلادهم، وكم يفرحون أكثر حين يرون بأعينهم تفعيل بعض عمليات التصدي لما يفسد المجتمع والشعب والوطن، على أرض الواقع، بتفان وجدية واقتدار، بعد أن كانت مجرد لعبة "غمايضة"، أو "قبط عاون" المبنية إما على المحاصصة، أو التحيز الحزبي، أو محاباة القريب وابن العم و الصديق و ابن القبيلة و العشيرة، وإن كان على حساب المال العام والإضرار بالوطن والمواطنين، وغير ذلك من أشكال التستر على الفساد، الذي هو أخطر على المجتمع من الفساد بعينه، والذي لن تكتمل منظومة مكافحته، إلا باستئصاله فكرا وواقعا، اقتداءا بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم الذي أقسم على تطبيق القانون ولو على ابنته فاطمة، لتحقيق العدالة في أمته وتجنيبها التفرقة والتعسف والظلم، والذي ورد في الحديث الشريف: "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".

وعلى الرغم من قلة أعداد قضايا مكافحة الفساد التي تمت إحالتها على القضاء، فإن ما تم منها على قلتها، لهي بوادر مؤشرات على قرب تحقق الغايات المنشودة في القضاء على الفساد، الذي انخرط فيه رجال المرحلة الوطنيين الذين لا يسعون إلا إلى فرض سيادة القانون على الجميع، والذين يفخر بهم المواطن المغربي ويعتز بجهودهم العظيمة الجبارة المتضافرة والمتواصلة في محاربة الفساد والمفسدين، فشكرا لمن بقيادتهم بدأت عجلة الإصلاح والتعديل تدور، وبدأت تنتعش معها أحوال البلاد.

***

حميد طولست

في المثقف اليوم