أقلام حرة

التنمية البشرية وتوسيع خيارات البشر

عندما تعيش في مجتمع يضيق عليك سبل الرزق ويحرمك من أهم حقوقك كإنسان له الحرية في قول الحق والتعبير عن أفكاره دون الخوف من أن يزج به في غياهب السجون فهنا تضيق عليك خيارات الحياة فلا تملك بدائل للتغيير فتعيش حياة عادية تصارع من أجل أن تتحصل على بيت يأويك فتتخلى عن أحلامك وأمانيك فتصير رقما مهملا، إنسانا يعيش على هامش الوجود، من هنا تأتي التنمية البشرية فينظر إليها

مؤسس مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة محبوب الحق، بأنها المساعدة في توسيع خيارات البشر وقدراتهم على العيش الكريم وتوسيع المشاركة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية والإجتماعية حيث يعد التطوير والتنمية الذاتية جزء منها .

فأول ما تسعى إليه التنمية البشرية عبر العالم وخاصة في الدول المتقدمة هي مساعدة الناس على توسيع خياراتهم في الحياة، يسكن حيثما يريد ويسافر لأي دولة ويعبر عن أفكاره بما يشاء ويختار من يحكمه بكل حرية،يمارس ما يحب من هوايات دون مانع أو حاجز اجتماعي ..وكل هذا من أجل حياة كريمة رغيدة لا يجوع فيها الإنسان ولا يعرى ولا يخاف على حياته وحياة أبنائه ومستقبلهم ..

وتهدف التنمية البشرية العالمية إلى توسيع المشاركة الديمقراطية والتنمية الاقتصادية فالإنسان حر في اختيار من يمثله وفي تأسيس الأحزاب وكل هذا في جو من المنافسة الحرة النزيهة فلا غش ولا تزوير ولا مصادرة أصوات الناخبين .. وكل هذه الممارسة الديمقراطية الحقة تفرز كفاءات سياسية مسؤولة تحمل أفكارا وبرامج للتغيير والنهوض بالمجتمع فتحدث قفزة في التنمية الاقتصادية فالاستقرار السياسي يحفز ويشجع رؤوس الأموال ويجلب رجال الأعمال للاستثمار فالدولة تكسب وهم يكسبون ..

فغياب هذه التنمية عن المجتمعات المتخلفة أو السائرة منذ عقود في طريق النمو ولم تخط خطوتها الأولى بعد هو ما جعلها مجتمعات ينخر الفساد في جسمها فمواطنوها لا يملكون خيارات في حياتهم فالزعيم الوحيد والأوحد يقبع على الكرسي عقودا ونفس الأشخاص من يسيرون دواليب الدولة فتهرب الكفاءات وتهجر الأدمغة إلى الدول المتقدمة فينتشر الفقر والجهل ويغيب التعليم والنتيجة ما نراه اليوم بأم أعيننا من حروب تطحن هذه الدول وتخلف في كل المجالات وأمراض فتاكة تنتشر فيها ..

فلا بديل لها إلا بتنمية مستدامة تعطي لمواطنيها خيارات واسعة في الحياة وتفتح المجال السياسي لإجراء انتخابات نزيهة والاستثمار في العقول بجودة التعليم ..

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

في المثقف اليوم