أقلام حرة

ابذل ما في وسعك

إن بناء أي حضارة إنسانية أساسها وركيزتها الإنسان الفعال الذي يفقه رسالته ودوره في بناء مجتمعه ، يملك هذا الإنسان مهارات الحياة فيتقن عمله ويجوده ولا ينتظر من أحد جزاء ولا شكورا فهو يبذل ما في وسعه ولا يتحجج بالظروف والعراقيل ليهرب من أداء عمله الرسالي ولن يمتلك هذا الإنسان فعاليته الاجتماعية إلا إذا تحرر من الرواسب الفكرية الانهزامية التي انغرست فيه بفعل سياسات المستدمر الفرنسي وقد صدق المفكر مالك بن نبي حينما قال " إنما بتحول نفس يصبح معه الفرد شيئاً فشيئاً قادراً على القيام بوظيفته الاجتماعية جديراً بأن تحترم كرامته وحينئذ يرتفع عنه " القابلية للاستعمار " ولن يقبل حكومة استعمارية تنهب ماله وتمتص دمه فكأنه بتغيير نفسه قد غير وضع حاكمية تلقايئاً إلى الوضع الذي يرتضيه ".

وهذا التخلف الذي يعيشه المسلمون حسب مالك بن نبي ينبع في الأساس من داخلهم ويعود إلى طبيعة تشكيل عقليتهم وشخصيتهم التي ترسبت فيها مفردات الثقافة السلبية ولا حلّ لهذه المعضلة إلا بالتحول من مجتمع غير فعال إلى مجتمع فعال, وفاعلية أي مجتمع إنما تنطلق من فاعلية الإنسان.

وتحضرني هنا قصة رمزية تؤكد على أن الإنسان الفعال يؤدي ما يستطيعه وما في وسعه ولا يقلل من تأثيره مهما كان عمله قليلا.

وإليكم هذه القصة: (ذات يوم بارد من أيام الخريف لمح فلاح عصفورا صغيرا مستلقيا على ظهره في منتصف الحقل فتوقف الفلاح عن الحرث ونظر إلى هذت المخلوق الضعيف ذي الريش وسأله: " لماذا تستلقي على ظهرك هكذا ؟".

فأجابه الطائر: " سمعت أن السماء ستسقط اليوم ".

فضحك الفلاح وقال: " وأظن رجليك الصغيرتين النحيفتين ستقيان السماء من السقوط ؟".

فأجاب العصفور الجريء: " على كل منا بذل ما في وسعه ".

عزيزي القارئ ابذل ما في وسعك هذا هو المطلوب منك لتكون مواطنا صالحا.

***

الكاتب والباحث في التنمية البشرية:

شدري معمر علي

 

 

في المثقف اليوم