أقلام حرة

هل يُعقل أنها للسيوطي؟!!

عبد الرحمن بن كمال الدين أبي بكر بن محمد سابق الدين الخضيري المشهور بإسم (جلال الدين السيوطي)، (849 - 911) هجرية، ولد في أسيوط \القاهرة، وعاش (62) سنة، وقام برحلات عديدة للحجاز والشام والهند والمغرب، درس الحديث في المدرسة الشيخونة.

هذا عالم عربي نابغة زمانه والعصور، وغزير التأليف، وكان أول كتبه "شرح الإستعاذة والبسملة"، ألّفه في سن السابعة عشرة،  ولم يترك ميدانا إلا وصنّف فيه، حتى في الطب لديه كتب:  "النهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي، شقائق الأترج في رقائق الفتج . الدستور الجلالي في المعالجات، طب النفوس".

شيوخه: محي الدين الكافيجي، يحيى بن محمد المناوي، أمين الدين الأقصراني، العز الحنبلي، المرزباني، جلال الدين المحلي، تقي الدين الشمني، وغيرهم، ويُقال أنه أخذ العلم عن (150) شيخا.

تلاميذه: شمس الدين الداودي، شمس الدين بن طولون، إبن إياس، وزين الدين الشماع وغيرهم، وهم من البارزين بمؤلفات ذات قيمة كبيرة.

من مؤلفاته: تأريخ الخلفاء، الإتقان في علوم القرآن، الجامع الكبير، الحاوي للفتاوى، إعراب القرآن. طبقات الحفاظ، طبقات المفسرين، لب اللباب في تحرير الأنساب، لباب الحديث.

وهذه مختارات من مؤلفاته الغزيرة التي لا يمكن أن يقدر عليها إلا ذوي الهمم العالية والمواهب الغالية والقدرات السامية.

ولديه أرجوزة." تحفة المهتدين بأخبار المجددين" بيَّن فيها أسماء المجددين من القرن الأول وحتى التاسع الهجري.

هذا النابغة الألمعي الموسوعي لم يترك شيئا لم يؤلف فيه، حتى عن العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة!!

وبرغم مرور قرون على وفاته، فأن كتبه لا تزال متداولة وذات قيمة معرفية وتوثيقية، تعين الباحثين في شتى المجالات، فهو ينبوع ثقافي لا ينضب، وكأنه أخذ العلم من منابعه العلوية الصافية.

السيوطي ظاهرة تشير إلى أن الأمة تلد من أبنائها مَن تستجمع طاقاتها الحضارية فيه وتسخره لتأدية رسالتها، التي بموجبها تبقى وتتجدد وتكون كجوهرها الناصع المشرق المبين.

يُذكر أنه تفرغ للتأليف والعبادة في سن الأربعين، وأنتج 600 كتابا قي عشرين سنة، فهل كان يؤلف كتابا في أقل من شهر، مع الأخذ بنظر الإعتبار ظروف زمانه، وآلية الكتابة بالريشة والدواة وقلة الورق ونوعيته.

والبعض ينقل بأنه ألف 900 كتاب، ولو حسبنا أنه يؤلف كل شهر كتاب فهذا يعني أنه يحتاج 75 سنة، فهل يصح في الأفهام هذا الأمر؟

وكتبه التي ألفها تستدعي جهدا ووقتا قلا يُعقل أنه ألف كتاب "تاريخ الخلفاء" في أقل من شهر، أو غيره من الكتب الضخمة.

ترى هل يمكن تصديق ذلك، وإن تحقق صدق ما أنجزه من الكتب، فهو من أكثر الأعلام في تأريخ البشرية تأليفا، وإمتلك طاقات خارقة في المعارف والعلوم وقدرات لا مثيل لها في تأليف الكتب، أم أن العديد من المؤلفات قد نسبت له، أو ألصقت به كما هو الحال في مسيرة التأريخ، الذي تنسب فيه أقوال ومؤلفات لغير أصحابها؟!!

إذ ربما يكون للنساخين دورهم في إلصاق الكتب بأسماء مشهورة ليتم بيعها، فنزاهة النساخين مشكوك فيها، فهم يتاجرون بالكتاب الذي هو بضاعتهم، وعليهم أن يروّجوها بما يستطيعونه من الأساليب، ومنها إلصاق أسماء معروفة مرغوبة بالكتاب الذي يستنسخونه، فربما ما كانت هناك حقوق ملكية أو أدلة قاطعة على أن مؤلف الكتاب هو فلان الفلاني.

والبعض يرى أنه بدأ التأليف في سن مبكرة، مما قد يبرر أعداد الكتب التي تتناول حقول معرفية متنوعة.

ويبقى السؤال: هل يُعقل أن مئات الكتب المنسوبة إليه من تأليفه حقا؟!!

إنها ظاهرة بحاجة لدراسات وبحوث رصينة!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم