أقلام حرة

إنهيار الوعي الحضاري العربي!!

الأمم والشعوب بنخبها، التي تقودها وترسم خرائط مسيرات أجيالها، وتمدها بالأنوار المعرفية الدالة على الأهداف المنشودة.

وإذا أصيبت النخب بالتبعية والتقليدية والإستنساخية، وعدم القدرة على الإبداع المتوثب الأصيل، فالأمم والشعوب ستترقّد في قيعان القنوط والإبلاس، وتتناهشها العظايا والآفات المنهمكة بتفسيخها، ودحرها في بدن الأرض السابغ الذي لا يشبع.

ومما يثير الحيرة والعجب، أن نخب الأمة تكتب بمداد الدموع والدماء، وتستعمل مفردات نواحية رثائية موتية، فيها إبحار بالسلبيات وإستحضار للخطايا والآثام، وكأن الأمة كتلة من الوجيع الدامي المتدحرج على سفوح الأيام.

وهذا أفك وإفتراء وعدوان!!

الأمة فيها الصالح والطالح، ومجتمعاتها تحوي الضار والنافع، والمجتمع بحاجة لقيادات توظف ما ينفعه وتحجِّم ما يضرّه، وبهذا يمضي على سكة التفاعل مع الحياة.

وفي واقعنا الممتد لأكثر من قرن ونصف، تجدنا أمام تفاعلات قهرية وتطلعات عبثية، تهدف لتفريغ الأمة من القدرات الإيجابية، وتحويلها إلى بحيرات دماء ودموع، وأشعار رثاء ومواويل أحزان وأنين، وجلد مروِّع للذات، وتقديم الماضي المتخيل المطعَّم بآيات التقديس والإنبهار على أنه الفردوس المفقود.

وبهذا يتحقق دفع الأجيال نحو متاهات العجز والإحباط، والتعامل السلبي مع الذات والموضوع.

وهي أساليب معروفة تمارسها القوى الساعية لإفتراس غيرها، والأمة هدف سمين للقوى الناهضة فوق النراب، والهدف تم ترويضه وتأهيل عناصره لتعمل لصالح الطامعين به والساعين لإبتلاعه أو سرطه.

فتجدنا أمام نخب مغرر بها، جاهلة لجوهر الأمة وإرادتها، وتستحضر ما يُطبَخ في مختبرات إمتلاكها وإستعبادها، وتحويلها إلى أدوات لإنجاز أهداف الآخرين.

وهكذا يكتبون ويفكرون ويصرّحون، ويوهمون الأجيال بأن أمتهم خاوية، وهم بلا قدرات وطاقات، وعقولهم عاطلة، وعليهم أن ينغمسوا بالدين المُفقّه، ويمعنون بالجهل والتجهيل، والتنكيل ببعضهم حتى يتملكهم الخوار ويسودهم الذل والهوان، ويتشوفون لطامع فيهم يأخذ بأيديهم إلى جحيمات كان.

فهل من نهضة أصيلة ؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم