أقلام حرة

طبق الأصل!!

على الصفحة الأولى من معظم صحف فرنسا أمس، صورة الفائزة بنوبل للآداب وهي ترفع يدها في تظاهرة كبرى شهدتها باريس ضد غلاء المعيشة. السيدة التي تبلغ من العمر 82 عاماً، وفي رصيدها جوائز تجاوزت قيمتها المليون دولار،وجدت نفسها أمام مسؤولية أخلاقية وهي ترى أبناء الطبقات المتوسطة والفقيرة يعانون بسبب سوء الإجراءات الاقتصادية، ولم تنفع معها تغريدات الرئيس الفرنسي ماكرون وهو يشيد بها بعد أن قطفت جائزة نوبل، فلا مجال للمساومة بين سلطة غائبة عن الوعي كما سمتها، وملايين من الناس تعاني من أزمة اقتصادية.

في حوار معها تقول السيدة إرنو ان ما يجري اليوم هو محو لكل ما هو اجتماعي. "لقد بات الشعب بمثابة الشبح بالنسبة للسياسة، باستثناء فترة الانتخابات" .

أدرك جيداً أن لا أحد من قراء العمود الثامن مستعد هذه الأيام أن يقرأ تنظيراً لسيدة تكتب روايات قصيرة، فلا شيء يعلو على صوت المحاصصة التي كشفت لنا عن أن القوى السياسية "متعودة" على أن تمارس الخديعة، مثلما تصرخ عالية نصيف بأنها راعية النزاهة ونصيرة للفقراء، ومن لا يصدق أحيله إلى ما كانت تقوله أيام حكومة المالكي الأولى والثانية عن النهضة التي يعيشها العراقيون في ظل "أبو الخبزة". ومع كل هذه المنغصات اسمحوا لي أن أنقل لكم طلبات أحد فصحاء الفضائيات في العراق الديمقراطي من رئيس الوزراء الجديد، فالرجل يبدو قد تأثر بالسيدة إرنو، رغم أنه تجاوز جائزة نوبل، حيث حدد مطالبه بثلاث نقاط يرى أن الشعب العراقي بحاجة إليها اليوم، أولها العودة إلى نهج عادل عبد المهدي الاقتصادي، والثانية محاربة الحرب الناعمة، لكسر هيمنة الشيطان الذي يريد ان يخرب اخلاقنا. والثالثة القضاء على الحركات المنحرفة الضالة التي شوهت صورة الإسلام والمذهب. فالأمور كلها بخير، ولا نحتاج سوى دحر المنحرفين الذين يتجولون في شارع المتنبي.

هل هناك أعجب من هذه الحكاية؟ نعم ياسادة إنها الحكاية التي أخبرنا بها مشكوراً قيادي في الإطار التنسيقي، من أن العراقيين عليهم أن يمسحوا أيديهم في الحائط، فالحكومة ستبقى محاصصة وإلى أبد الآبدين وأن الوزارات ستقسّم 4 وزارات لتحالف السيادة، ووزارتان لتحالف العزم لصاحبه خبير النزاهة مثنى السامرائي، و4 وزارات ستذهب 3 الى الكرد، وأضاف أن "12 وزارة ستذهب إلى الإطار التنسيقي، ووزارتين إلى الأقليات".

نعم ياسادة إنها حكاية المنافع، الذي اكتشفناه بعد تظاهرات راح ضحيتها مئات الشباب، أن مشاكل العراق ستحل باستبدال وزراء الكتل بوزراء الكتل نفسها وبختم سياسي " طبق الاصل " .

***

علي حسين - كاتب

 

في المثقف اليوم