أقلام حرة

الديمقراطية أصبحت خردة

اتضح بالملموس بعدما جربت دول العالم الثالث، أو الرابع أو الخامس الخ.. - لا يهم التسمية ولم يعد الترتيب ذا معنى مع هذه الفوضى التي اختلقها الغرب مدعيا بأنها خلاقة - اتضح بالملموس إذن  بعد تجربة العالم الضعيف "هدية" الغرب المسمومة المسماة بالديمقراطية، بعد ما قدم له الغرب "استقلالا" إداريا يتحكم فيه من خلال تحريك خيوطها حسب أهوائه، أن من يقررون في الحياة او الممات، على كوكب الأرض، هم أولئك الدهاة الأشرار الذين يخططون لكل الإستراتيجيات ويتحكمون في الجيوسياسة التي أصبحت واضحة للعيان، فجعلوا من الديمقراطية، خردة يوزعونها على الفقراء، كما توزع خردة الصناعة أو الألبسة، في مجالها السياسي المحلي، ماداموا يتحكمون في ما هو أهم عالميا، بل وحتى كونيا مادام أغنيائهم يحضرون لجولات في الكوسموس. نعم ماداموا يتحكمون في المال، وذلك بتحكمهم في خيرات هذا العالم وفي بنوكه من خلال ما يسمونهم بالبنوك المركزية وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي الخ

فللشعوب الفقيرة، خردة الديمقراطية، كمتلاشية قديمة لم تعد صالحة أو تسببوا في فقدانها لصلاحيتها من خلال تغليبهم لمصالحهم على مبادئها الحقيقية. فاصبحت مثلا في مجال حرية التعبير، لا تتعدى السباب والشتائم بين المتناحرين داخل كل مؤسسات البلدان العالمثالثية، مادام من وصل من بين ممثلي شعوبهم الى سدة الحكم لن يغير في اقتصاد ومالية بلده لصالح مواطنيه أي شيء، وإنما سوف يجد نفسه، هذا إن كان صادقا خلال حملته الانتخابية، وسط لوبي مدرب على خدمة أسياده الذين يقررون في الحياة على كوكب الأرض

الديمقراطية، اذن، في غياب التحكم في المال والتكنولوجيا والإعلام، أصبحت خردة، عبارة عن عباءة تآكل نسيجها المصنوع منذ آلاف السنين، حينما كانت تعتمد على البلاغة في الخطاب السياسي للتأثير على الاقتصادي.. أما الآن مع التحكم في ما هو اقتصادي ومالي من خلال الضغط على زر فقط، من قبل لوبي مالي عالمي، يشعل الحروب متى أراد ويطفئها كما أراد، بناء على حساباته الذاتية، فحتى تلك البلاغة غابت، وعوّضها كلام ديماغوجي بل وزِقاقي و زُقاقي بين "ممثلي" الشعوب المغلوبة على أمرها

***

محمد العرجوني

في المثقف اليوم