أقلام حرة

خذ وطالب وشعوب المصائب!!

أحد القادة العرب في مطلع الستينيات أو نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، خاطب العرب بقوله "خذ وطالب" وكان يقصد القضية الفلسطينية آنذاك، فهبت عليه الدنيا ووصفته بأقبح الأوصاف وكفرته المنابر ولعنته، وبعد أن دارت العقود، إكتشفوا بأنه كان على حق، وهم على باطل، لأنهم لم يتمكنوا من تحقيق حرف واحد من شعاراتهم الطوباوية.

وتبين أنهم يرددون " عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة "، وما يعنون به أن عشرة عصافير على الشجرة خير من عصفور في اليد، فيطلقون العصفور الذي في يدهم ويطاردون العصافير العشرة والعصفور أطلقوه، وما قبضوا على ريشة واحدة.

هذا بإختصار حال العرب على مدى القرن العشرين ولا يزالون في مهلكة مطاردة خيط دخان.

قد يقول قائل أن هذا تجني وعدوان، لكنه لا يستطيع أن يفنده بدليل وبرهان، فالذي يحصل في دول الأمة سببه ما تقدم من تفاعلات الغفل والبهتان، المقنعة بالدين والإيمان، وما هي إلا أقوال تفضحها الأعمال المعممة بالفساد والخطايا والآثام.

هذه العاهة السلوكية أودت بالمجتمعات العربية، فالذي يتردد على مر الأجيال المطالبة بالوحدة والحرية والعدل، وما توحدت دولتان، ولا تحررت دولة واحدة من قبضة الإمتهان، ولا يوجد عدل في معظم دول الأمة بل ظلم وفساد وإحتكار لحقوق الناس والإستحواذ على مصيرهم، فالنفط الذي هو ثروة وطنية تحول في الدول النفطية العربية إلى ملك مشاع للعوائل والكراسي، والشعب يتضور من الحرمان من حقوقه الإنسانية الأساسية.

وإذا نظرنا إلى القضية التي كانت تسمى (مركزية)، خسرها العرب تدريجيا، حتى صاروا يحلمون بما كان لديهم منها قبل بضعة عقود، والطامع فيها يقضمها بإصرار، وهم لا يعرفون كيف يستعيدون حقهم ويؤكدون قيمتهم ودورهم، ويقنعون الدنيا بأنها أرضهم.

توفى ذلك القائد العربي الذي رفع شعار "خذ وطالب"، وقبل وفاته ذكّرهم بمشروعه لإسترداد الحق العربي في الستينيات، وما إستردوا منه شيئا بل خسروا كل شيئ!!

وها نحن لا نتعظ، وتكرر الموقف أمامنا وإستجاباتنا ذاتها، فما تغيّرنا ولا نضجنا، ولا إمتلكنا المهارات المعاصرة الضرورية للبقاء المَكين.

فهل لنا أن نعاصر بعقولنا، ونهذب سلوكنا؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم