أقلام حرة

لا تتركوا المعلم وحده

أصبحت العملية التعليمية التعلمية تثقل كاهل المعلم ويتلقى منها الضربات تلو الضربات، قائد ميداني يعوم وحدة في بحر متلاطم الأمواج وفي خضم جيل افتقد الدافعية والتحفيز تجاه العلم والتعلم، وبات ينشغل بهموم هامشية غير ذات أولوية في حياته، ولم يكتفي بذلك بل أمسى ندا للمعلم ومصدر إزعاج وفوضى عارمة داخل الصف وخارجه.

‌افتقد المعلم أدوات ووسائل السيطرة على الطلبة، ولو وجدت معلماً مسيطراً في المجمل هو من يستخدم العنف البدني واللفظي، بمعنى أو بآخر يلبس دور الفتوة والعضلات، أسمع أن البعض من المعلمين يتدربون في صالات التدريب لتنمية عضلاتهم والدفاع عن أنفسهم عند حدوث اعتداءات من الطلبة، وقلة من يستخدم الرفق واللين وهو مسيطر الإ إذا كان حازماً وشديداً دون عنف وهؤلاء أقلة القلة. أما الباقون لديهم معاناة مغلظة وعنيفة، واسميها أعاصير تجتاحهم وانفلات وقلة الإنصباط الذي يحدث دون رقيب أو حسيب، وإن كان الحساب بعد استنزاف القوى والممارسات الشديدة التي ينتهجها الطلبة المشاركين والمنفلتون. ونفاجأة عند تطبيق قواعد وضوابط السلوك على القلة من أولئك يرجعون بعد وساطات وتدخلات لا تليق ولا تحسب من الممارسة التربوية، ويعود الطالب منتصراً بطلاً مغواراً ونموذجاً لتفلت الآخرين من الزملاء.

من واقع تعايشي ومشاهداتي عبر 33 سنة وأنا أقدم برامج تدريبية سواء في دول الخليج أو فلسطين في المدارس لكافة الفئات من نواب مدراء تربية وتعليم، رؤساء أقسام وموظفين في الوزارة، مدراء، معلمين، مرشدين، طلبة، أولياء أمور ومجتمع محلي.

أقول أن المعلم ترك وحيداً يعاني في ميدان لا يرحم سواء من أولياء الأمور الذي تخلى نسبة لا بأس بها عن دورهم التربوي في المنزل وما بعده من متابعات لأبنائهم وتسهيل العملية التعليمية، يأتي الأب ويدافع بشراسة عن أبنه بل يتهجم على المعلم والإدارة حتى يغطي الفشل الذي يعاني منه في تربية الأبن وفقدان السيطرة عليه إلى إسقاط المشكلة على القائمين في المدرسة وتنتهي المعاناة من الطالب إلى معاناة مغلظة في المدرسة دون حلول وتبقى المشكلات تتفاقم إلى ما شاء الله.

أما دور الوزارة والإدارة التعليمية ينبغي أن تؤهل المعلم وتعده للميدان مسلح باستراتيجيات تربوية وتعليمية قادرة على جذب الطلبة واستخدام أنقى وأفضل الأساليب العلمية والتربوية تدريسا وتعاملاً ولطفاً وتهذيبا، بعيداً عن العنف وأشكاله وأنواعه ومن العيب أن يتلفظ المعلم بكلمات وممارسات غير لائقة بسب الأهل أو يخرج من حدود اللياقة.

وتضع كذلك مدونة سلوك وقواعد تحفيزية وضوابط عقابية للطلبة دون محاباة أو مجاملة لأحد مهما كان مركزة أو صفته الاعتبارية حتى يبقى المناخ التربوي يتمتع بالهدوء والإنضباط والراحة البدنية والنفسية والاجتماعية القادرة على توفير الأجواء المريحة لكافة العناصر في العملية التعليمية .

وتفعيل دور أولياء الأمور وتشترط عليهم عند قبول أبنائهم أن يكون لهم دورا أصيلا ومهما في نهضة أبنائهم وتربيتهم ومتابعة تقدمهم في المدرسة وحضور الفعاليات والأنشطة التدريبية والمناسبات الاجتماعيه والوطنية، ليكون حضورهم دائم وعلى صلة وثيقة بدور الرعاية والاهتمام بأبنائهم، واستثمار تخصصاتهم في تقديم خبراتهم ومعارفهم ومهاراتهم وتوجهاتهم للعملية التعليمية.

بهذا تكتمل الصورة ويصبح الميدان التربوية متكامل الأركان والأبعاد وسينصلح حال التعليم ويرفع عن كاهل المعلم أعباء وأثقال لا تحملها الجبال الرواسي.

أتمنى لكم وافر الصحة والعافية

***

د. أكرم عثمان

مستشار ومدرب دولي في التنمية البشرية

30-10-2022

 

في المثقف اليوم