أقلام حرة

الوطنية وحماية الوطن

يثار بين حين وآخر في الاوساط الشعبية العراقية قضية اعادة الخدمة الالزامية في الجيش العراقي،وطبعاً يمزج التجنيد الإلزامي، مقروناً بالسياسات الخارجية ذات الدوافع العسكرية، بين التعبئة الوطنية وبثّ القوة في الخارج ويَظهرهذا بوضوح في الإعداد الجماعي للجيوش ولدعم السياسات المتعلقة بالشؤون الوطنية وغياب التجنيد الالزامي في العراق قطعا يمزق البلاد ويهز دوره ومكانة واهمية ويجعله عرضة للمخاطر مهما كانت  ويبررالتجنيد الإلزامي  في صنع الشباب الرجال للمستقبل ويقضي على التميع كما انه يساعد على التقليل من التدهور في المعايير الصحية للشباب بسبب ضعف لياقتهم البدنية وأنماط الحياة المستقرة، فقد زادت معدلات السمنة بشكل حاد بينهم، وارتفعت بشكل كبير تكاليف علاج الأمراض ذات الصلة، مثل مرض السكري،بشكل كبير.ولكن مع الاسف يصطدم القانون بالمعارضة من العديد السياسيين لاسباب قد تكون شخصية وتهم افراد عوائلهم او عبئ الخدمة سيقع على عاتق الفقير فقط او من خوفهم بأن تعود الامور الى عسكرة الشعب كما كانت في العهود الماضية اوالتعلل بالميزانيات المالية والفساد  لتأسيس معسكرالتدريب في حين ان وزارة الدفاع العراقية عندها من المستلزمات والأراضي الذي يمكنها في تشكيلها والتأسيس لها في وقت قياسي وتستطيع استيعاب الاعداد الكبيرة لهم،متناسين ان اقوى جيوش العالم تعتمد على هذه الخدمة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا والجمهورية الإسلامية الايرانية ودول خليجية (قطر والامارات والكويت) ان الجيش مؤسسة لبناء الوطن والمشاركة في التنمية الشاملة للبلاد وان 2.151 من المجتمع العراقي سوف ينخرط ضمن صفوف الجيش العراقي ويعطي معنى للوطنية في قلوب الأفراد فيه ويوحد المجتمع ولايفرق بعكس الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الجيش العراقي يمثل جهة معينة دون اخرى والمعسكرات تخلق قاعدة شبابية عمرية مدربة جيدا ومعبأة بثقافة حب الوطن والدفاع عنه،،و بيئة اجتماعياً تجمع ابناء البلد الواحد وتوحدهم من خلال جعلهم يعيشون حالة  في تنشط نزعت التعاون الوطنية فعندما تجد الجنود يخدمون قضية واحدة تتلاشى الانتمائات الاخرى لان كلمة الوطن تنطبع في أذهان الشباب وبشكل اكبرمن الاعتبارات الاخرى، وتوجيه الشباب في المؤسسة العسكرية تعد الركيزة الاساسية الثانية بعد المؤسسة التربوية للتعليم والتوجيه بل وتعد المرحلة المكملة لذلك في إبعادهم عن الانحرافات وان اكثرالفئات العمرية عرضة للتطرف ومسح الادمغة،هي فئة الشباب فبدلا من ان يكون الشباب لقمة سائغة بيد تجار الحروب والمتطرفين الارهابيين يكونون تحت امرة الجيش وتحت قوانينه ولفترة تبعدهم وتحميهم من المتطرفين،يكون الجيش المؤسسة العسكرية الوحيدة والقوية المسيطرة على زمام الأمن بدلا من المسميات الامنية الاخرى..ان مسيرة الوطن يتنامى مع مسيرة جيشه ويتزامن الاثنان في التاريخ يومًا بعد يوم،فيكاد لا يذكر الأوّل من دون أن يذكر الثّاني، والجيش ينظر إلى بلاده، بطولها وعرضها، على أنّها بيته وقريته، فيزداد حرصه عليها، ويزداد تعلّقه بها، واستعداده لخدمتها والتضحية في سبيلها. قد تتعدّد الأسباب الكامنة وراء هذا الشّعور: فمن قائلٍ إنّ الانتقالات والتشكيلات الدورية التي تخضع لهاالوحدات والأفراد، إنّما ترسّخ انتماؤه لهذه البلاد، ومن قائلٍ آخر إنّ العقيدة الوطنية التي ينشأ عليها الجندي، لا بدّ أن ينقلها لاحقًا إلى رفاق السلاح الذين يلونه في الخدمة، كما إلى إخوته من مدنيين بسبب الصلة الدائمة ما بين العسكري والمدني، الشريكين في الدفاع عن الوطن من ناحية،  وفي أعماره ورفع رايته الحضارية من ناحية أخرى.

كثيرا ما نجد العسكريين أكثر ثقافة وعلما من المثقفين والمدنيين بما يمس الوطن بصورة مباشرة،وفعلاً في العراق برز الكثير من العقول التي كتبت كتابات في مجالات مختلفة  السياسي والتاريخي والعسكري وأبدعوا في مضمارها  فلا تقتصر دروسهم في الكليات العسكرية والحربية مثلاً على الأمور العسكرية، بل تتعداها إلى تاريخ وطنهم واقتصادياته وتراثه، الوطنية لا تعني الأرض فقط، بل تشمل التاريخ والتراث وكل ما يتصل بحياة الشعب، ومعظم القادة العسكريين في دولنا درسوا وعملوا في الخارج؛ فمنهم من قضى سنوات في كليات الحروب المختلفة الشرقية والغربية، أو كانوا ملاحق عسكريين في دول عربية أو أجنبية، فيعطيهم ذلك نظرة شمولية لمشكلات العالم والعلاقات الدولية وآخر مستجدات العلوم والتكنولوجيا. وقوات الجيش يدركون وهم من مكونات من شتى الطوائف والقوميات، تجاوزالروح الطائفية والتمسك بوحدة الشعب والوطن وحرية العقيدة.

***

عبدالخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

في المثقف اليوم