أقلام حرة

يقرعون ولا يقرأون!!

من القارعة: مصيبة الدهر.

الجالسون في الكراسي يقرعون، أي يجلبون المصائب على مجتمعاتهم وأنفسهم، ونهاياتهم مرهونة بالقارعة.

أما أن يقرأون فذلك من المحرمات والممنوعات، والخطوط الحمراء، فعليهم بجهلهم وغفلتهم يعمهون، وفي أمّارات السوء التي فيهم يتسمرون ، والأمة في تأريخها معظم قادتها من القراء المثقفين الواعين الملمين بالمعارف السائدة في زمانهم.

فالعديد من قادة الدولة الأموية والعباسية والعثمانية وغيرها، من العارفين في ميادين ثقافية متنوعة، ومنهم الشعراء والخطباء الفصحاء، وبيوتهم تضم مكتبات.

ومن المعروف أن أبا جعفر المنصور من رواد المشجعين على الترجمة وجمع الكتب  حتى ضاقت بها دار الخلافة، فنقلها هارون الرشيد إلى ما سمي ببيت الحكمة، الذي أطلق الإبداع الحضاري من مكامنه.

وفي القرن العشرين معظم القادة الأقوياء من القراء النهمين، المدمنين على الكتاب، وفي مقدمتهم الرئيس الصيني "ماو" الذي كان شديد الولع بالقراءة، وهو من شعراء الصين البارعين.

وفي دول الأمة لا يوجد قائد قارئ، ومعظمهم يتوهم المعرفة،  ويحسب جلوسه على كرسي السلطة والمسؤولية يجعله يعرف كل شيئ، وغيره من الجاهلين، وما أعاروا إهتماما للثقافة والمعارف الإنسانية، وما تفاعلوا مع رموز الثقافة.

والملك الحسن الثاني الوحيد الذي كان مهتما بالثقافة، ولديه مجالس أسبوعية تعج بالمثقفين والمفكرين، ويتفاعل مع معطيات عصره التنويرية.

ويُقال أن بعض قادة الدول العثمانية لديهم مجالسهم، ولا تزال في إستنبول بنايات تشير إلى أنها كانت محافل ثقافية يحضرها السلاطين، وبرز منهم شعراء.

ويُذكر أن الرئيس جمال عبد الناصر كان يقرأ، أما الآخرون فالخواء المعرفي والفكري واضح في تصريحاتهم وخطاباتهم، التي تنم عن جهل فاضح بالعربية، وهيمنة المشاعر السلبية، وتفوح منها العدوانية والتوحشية، والحث على التصارع وسفك الدماء، وكأنهم في متاهات الضياع يتخبطون، ولهذا قدموا سيئا لأمة يقرأون!!

***

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم