أقلام حرة

ووترغيت بنكهة عراقية

قبل ثلاثة أشهر تذكر العالم أقوى فضيحة تعرض لها رئيس أمريكي في تاريخ الولايات المتحدة. فقد مرت خمسون عاماً على فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون، بعد أن كشفت الصحافة عن أن نيكسون كان يتنصت على أعضاء في الحزب الديمقراطي.

الرئيس نفى الأمر في البداية لكنه خرج بعد أشهر ليقدم اعتذاره على ما حصل، إلا ان الناس لا تقتنع بالاعذار ولا بد من خطوة أكبر، فكانت الاستقالة التي قدمها في التاسع من آب عام 1974. ولم يشفع لنيكسون دوره في إغلاق ملف الحرب الامريكية الفيتنامية.

شكلت "ووترغيت" مفصلاً أساسياً في التاريخ السياسي الحديث للولايات المتحدة. لكن، ما كان ذلك ليتحقق لولا الدور الذي لعبه صحافيان في جريدة "واشنطن بوست" بتسليط الضوء على هذه الفضيحة. كان مكتشفا الفضيحة صحافيين شابين، هما بوب وودورد وكارل بيرنشتاين، والذان أصبحا فيما بعد من أصحاب الملايين بعد أن نشرا كتاباً عن أسرار ووترغيت. وأتمنى عليك عزيزي الصحفي العراقي أن لا تحلم بأن تصبح يوماً مثل هذين الصحفيين اللذين ينعمان بالثروة والشهرة بعد أن أطاحا برئيس أكبر دولة، ففي هذه البلاد ممكن أن تكتب مجلدات عن الفساد وستخرج بنتيجة واحدة، عدم المبالاة، فالمطلوب من الإعلام العراقي أن يلمع المسؤول والسياسي، وأن يتغنى بمنجزات عالية نصيف وهي "تلبخ".. يرد الصحفي الأمريكي الشهير "بوب وورد" على متهميه بإفشاء أسرار تتعلق بالأمن القومي بعد كشفه لفضيحة ووترغيت، قائلاً: "إن ثمة طريق واحد للإعلام الصحيح وهو الشجاعة وليس الاستمرار في إغراق الناس بوحل الأكاذيب".

بالامس خرج علينا السيد محمد توفيق علاوي وزير الاتصالات الأسبق، في أحد البرامج التلفزيونية ليعلن: "إن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، كان يتنصت على المسؤولين ووزراء حكومته، وفي حال حقق الوزير الولاء له، فلا مشكلة إن سرق الدنيا وما فيها"، على حد تعبيره، وأضاف علاوي أنه "كانت تصل إلى نوري المالكي (كاسيتات)، لأعضاء مجلس النواب والوزراء، وكذلك للمحيطين به"، ولكي يكمل لنا السيد محمد علاوي المشهد قال إن الولايات المتحدة زودت العراق عام 2008 بأجهزة تنصت، لهدف تعقب اتصالات المجاميع الإرهابية، لكن الحكومة استخدمتها لتعقب السياسيين والمسؤولين.. وأتمنى أن لا يعتبرني البعض بطلاً مثل بوب وود، فصاحب الكشف المثير هو الوزير محمد علاوي، والحمد لله.

يشعر الصحفي مثل "جنابي" بالأسى وهو يكتب عن أحوال العراق ومغامرات ساسته. كل شيء مكشوف ومعروف إلا قضايا الناس التي لا يريد أحد لها أن تستقر. كل شيء وارد، التنصت، والتهديد والوعيد. وعندما تكون الدولة عاجزة وتخاف من السياسي، فاضحك مثل جنابي على الديمقراطية .

***

علي حسين

في المثقف اليوم