أقلام حرة

القتل النفسي!!

هو تفريغ البشر أفرادا وجماعات من إرادة الحياة وحقنه بإرادة الموت، لكي يستلطف تفاعلات الموت وسلوكيات العدوان والإنمحاق.

وبهذا يتحقق تجريد البشر من الأفكار والمشاعر الإيجابية وتأجيج الأفكار والمشاعر السلبية فيه.

وللقتل النفسي أدواته والقائمين به، والمعدين لبرامجه في مختبرات  الإنقضاض على المجتمعات  وإستعبادها، وتركيعها وتخنيعها في ميادين التبعيات والولائيات، التي تدفع بها إلى مجازر الوعيد الفتاك بإرادتها المستباحة ومصيرها المسلوب.

والقتل النفسي ليس إدّعاءً أو خيالا، وإنما ممارسات يومية بسيطة متكررة متراكمة، تصنع مفرداتها وعناصرها الجاهزة للفناء والإفناء.

ويتحقق في معظم الأحيان إقران الأفعال البشعة بمشاعر سيئة وإلصاقها بحالة ما، فيتحول الشخص المُستهدف إلى كتلة من اللهب الحارق الماحق فيُقتل بالهدف القريب والبعيد.

ومن نشاطات القتل النفسي ما تقوم به الحركات والمجاميع المؤدينة المتطرفة الأصولية الدوغماتية، والأحزاب بأنواعها، فجميعها تؤكد القتل النفسي أولا للمنتمين إليها، وبعدها تحركهم كالمنومين لتنفيذ تطلعات النفس الأمّارة بالسوء والبغضاء والعدوان السافر على حقوق الآخرين.

ويلعب الدين المُمتطى دوره، وتستل منه منطلقات تعزز القتل النفسي، وللمنابر دورها في إشاعة ثقافة الموت ومحاربة الحياة.

فالوطنية ذات مفهوم موتي، وكذلك الإيمان والإنتماء لأي حركة ومجموعة أو حزب، ولهذا فأنها  - بلا إستثناء -  أجهزت على شعاراتها التي رفعتها وقضت على عقائدها بسلوكها المعادي لها.

وفي بعض المجتمعات يجري إطلاق المجاميع المقتولة نفسيا، وتأهيلها للقيام بالتخريب والتدمير وإسنادها ماديا وعسكريا وإعلاميا.

كما أن العديد من أنظمة الحكم تمضي وفقا لآليات القتل النفسي، المتمثل بالفساد وفقدان الدولة لهيبتها، وضياع الأمن والأمان، وإهمال بنايات المدارس الإبتدائية، والإمعان بطمر الشوارع بالنفايات، لكي تنبثق المشاعر السلبية، التي يتم توظيفها لمزيد من القتل النفسي.

فهل من سلوكيات بناء إرادة الحياة؟!!

***

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم