أقلام حرة

مُغالَطَةُ التَّكلِفَةِ الغارِقَةِ

المغالَطَةُ: هي تَحَيُّزٌ مَعرِفيٌّ يَتُمُّ من خلالِهِ حجبُ الواقعِ؛ مما يعطي مظهراً شبهَ حقيقيٍّ لما هو في الأساسِ خاطئ وغير مؤكَّد . أو هي استخدامُ الاستدلالِ والتفكير غير الصَّحيح أَو الأفعال الخاطِئة في التعليلِ وبناء الحُجَّةِ .

 وَما أَكثرَ المغالطاتِ في حياتنا !، حياتنا ليست بكل تفاصيلِها وخطوطها الدقيقة مبنيَّةً على الحَقائقِ، بل هي في أَكثر دروبها مبنِيَّةٌ على المغالَطاتِ والاوهام .

 الاعلامُ الذي نُقصفُ بهِ في كل يوم بل في كلِّ ساعةٍ ولحظة، أغلبُهُ يعتمدُ على المغالطات، وبامكانهِ أن يقلبَ الحقَ باطلاً والباطلَ حقاً .

 الاعلانات هل هي مبنيَّةٌ على حقائق تترك لعقلك ان يختار بكاملِ حريتهِ ؟ لا، انما يعتمدُ الاعلان على كل الاغراءات التي تحرك الزبائن لشراء البضاعة. اذن: المغالَطَةُ هي التي تمسكُ بخناقنا في الحياة.

 ومن المغالطات التي تؤثرُ في حياتنا، وتؤثر على قرارتنا " مغالَطَةُ التكلفة الغارقة" والتي يطلقُ عليها في الانكليزية "Sunk Cost Fallacy"، وهي مصطَلَحٌ اقتصاديٌّ، ولكن لها مصاديقٌ كثيرةٌ في حياتِنا اليومِيَّةِ . ومغالطة التكلفة الغارقة هي: ان التكاليف التي انفقناها على مشروعٍ تبَيَّنَ لنا فشلَهُ وعدم جدواه، ولايمكننا أَنْ نسترجعً هذهِ التكاليف، ولكننا نُصِرُّ على المُضِيِّ في المشروع رغم قناعتنا بفشلهِ وعدم جدواه . لماذا ؟ لاننا دفعنا أَموالاً لايمكننا استردادها فلابد من ان نذهب مع المشروعِ الى آخرِ الشوط . هذه هي مغالطة التكلفة الغارقة في علم الاقتصاد . أمّا في حياتنا اليومية، فاننا نمارسُ هذه المغالطة في التكلفة الغارقة؛ لاننا دفعنا أموالاً . فنحن حينما نشتري تذكرة لمشهادة فلم سينمائي، وبعد ذلك نكتشف أَنَّ هذا الفلم تافه ولاحاجة لتضييع أَوقاتنا به، ولكننا مع ذلك نُصِرُّ على مشاهدةِ الفلمِ حتى النهاية؛ لاننا بذلنا مالاً لايمكننا استرجاعُهُ . وهكذا في علاقاتنا الاجتماعية، الصديق الذي نكتشف حيله وألاعيبَهُ وأَنَّ المُضِيَّ معه تضيعٌ للوقتِ وللعمرِ، ومع ذلك نستمر في هذه العلاقة. والامثلة كثيرة على هذه المغالطة في حياتنا الاجتماعية اليومية . نسألُ اللهَ أَنْ يرزقنا فهماً ووعياً لتمييز المغالطات والاوهام وفرزها عن الحقائق.

***

زعيم الخيرالله

في المثقف اليوم