أقلام حرة

البحث عن سقراط في الرياض

أتابع ما يجري من تحديث للمملكة العربية السعودية، مثلما أتابع المئات من الإصدارات الحديثة التي تصدرها دور نشر سعودية، فأجد الأولوية للفلسفة والعلوم، فهذه الدار تصدر أعمال عالم الفيزياء العراقي جيم الخليلي، الحاصل على أرفع وسام بريطاني لدوره الرئيسي في مجال العلوم. وبالتأكيد الكثير من "علماء" مجلس النواب لا يعرف أن هناك عراقياً تباع كتبه بكل اللغات، وتلك الدار تقدم آخر ما كتب عن نيتشه العدمي، فيما دار نشر أخرى مهتمة بأفكار سبينوزا التنويري.

أسمي ما يجري في السعودية "نهضة فكرية"، وفي عمومها نهضة لبناء الإنسان، وفي العاصمة الرياض سنجد كبير الفلاسفة الإغريق سقراط يفتتح مقهىً شهيراً يشرف عليه المترجم السعودي هادي آل الشيخ وكان الشيخ قد تعرف على التجربة خلال بعثته إلى أمريكا، وكانت فكرة قام بها أستاذ الفلسفة الأمريكي كريستوفر فيليبس الذي قرر عام 1996 افتتاح مقهى باسم "مقهى سقراط" غايته الأساسية إعادة الفلسفة إلى الناس، والتعلم من الآخرين، وينشر كتابا بعنوان "مقهى سقراط" - صدر عن دار أثر في الدمام - يؤكد من خلاله أن هناك حاجة إلى إعادة الطريقة السقراطية في التفكير من خلال جوانب عديدة من تجاربا الحياتية، ويطلب منا أن نعطي قيمة للسؤال من أجل التنمية الشخصية والبشرية.

وقد لاحظت في أكثر الكتب المترجمة أن هناك عبارة توضع وهي "تمت ترجمة هذا الكتاب ضمن مبادرة "ترجم" وهي مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة السعودية لتشجيع حركة الترجمة حيث تقدم الدعم المالي للكتاب المترجم.. تتمعن في العناوين فتجد سارتر وآلان باديو وأفلاطون وماركس، وبومان وإدغار موران وهابرماس، ومئات المطبوعات التي تذكرنا بعصر النشر العراقي الذهبي، والتي تثبت أن السعودية طوت صفحة الماضي وتسير بثقة نحو المستقبل، وتقرأ في الأخبار فتجد أن ميزانية وزارة الثقافة لهذا العام تجاوزت عشرات الملايين من الدولارات، بينما في هذه البلاد تضطر وزارة الثقافة ان تطبع ديوان شاعر العرب الاكبر الجواهري بمساعدة احدى الوزارات الغنية، وتستنكف الاحزاب السياسية ان تكون الثقافة من حصتها لأنها وزارة " بلا خبزة ".هل هناك مفاجآت، نعم ايها السادة، حالة الفرح والنشوة التي انتابت العراقيين بعد فوز الفريق السعودي على الأرجنتين، لتثبت أن الشحن الطائفي وخطابات الكراهية، لم تعد تنفع .

في صفحته على الفيسبوك يكتب الوزير والخبير المائي حسن الجنابي عن "النقاشات" التي جرت في اجتماعات مجلس الوزراء في عهد حيدر العبادي بشأن موقع إنشاء ملعب رياضي كبير تبرعت بإنشائه السعودية للعراق في موقع يختاره العراقيون.يقول الجنابي ان النقاشات تحولت الى "مناوشات" بدوافع طائفية. فالمناطق والأحياء العراقية أصبحت لها ألوان طائفية، والوزراء تعاملوا مع الامر وفق الاعتبارات الطائفية وليست الوطنية .

***

علي حسين

في المثقف اليوم