أقلام حرة

بين الشك والتشكيك

يُقال أن الشك هو الطريق للأيمان ويقال أيضاً أن الشك هو الطريق الىٰ الـكُفر، والـحقيقة أن الايمان بعد الشك يجعلك مؤمناً، والكُفر بعد الشك يجعلك كافراً، لأن المعرفه بعد الشك فقط تجعلك عارفاً للحقيقة، بعد ذلك قد تؤمن بها أو قد تكفر بها، بحسب دوافع البحث بعد الشك، فمن يبحث عن الحق، ليس كمن يبحث عن ما يدحض به الحق، لذلك فأن الشك في الواقع هو أول الخطوات نحو المعرفة. والمعرفة هي معيار الإيمان والكفر فليس كل من عرف الحقيقة قد آمن بها، ومن هنا فإن ما يؤدي للكفر هو التشكيك وليس الشك وشتان بين الشك والتشكيك فالشك يعالج الالتباس للوصول للحقيقة وهو في اللغة يأتي على معاني متناسبة مع ما نتحدث عنه، حيث أنه أي (الشك) يعني في مايعنيه الرتق عند معالجة الجُرح لأن الاولى بالجرح أن يُرتَق من أن يظل مفتوحا، ويأتي في معنى آخر إحداث الجُرح عندما يكون احداث الجرح اولى من رتقه وذلك عندما يكون الجندي (شاك) السلاح بقصد قتل العدو. وعلى كلا المعنيين فأن القصد هو الوصول إلى نقطة الحقيقة وهي الاستقامة الموضوعية وهي هنا معرفة أن جرح العدو يعادل ويساوي رتق جرح الصديق. وكل ذلك متعلق بقبول الحقيقة بعد المعرفة. أما التشكيك فأنه لايهدف إلى حل الالتباس وانما إلى خلق الالتباس لذلك فأنك عندما تأتي على شوال تريد أن تعرف مافيه فأنك تشُكه بمهماز لتسقط بعض مما فيه لتعرف هل أن ما فيه قمح أو شعير مثلا فتكتفي بذلك أما المشكك فلن يتوقف عن تشكيك الشوال بمهمازه حتى يُمزق الشوال ولا يبقى بعد ذلك لاقمحٌ ولا شعير أو كمن يطرق على برميل فيكتفي بطرقة أو طرقتين ليعرف أنه فارغ أو ملآن وبين من يبقى يطرق على نفس البرميل فقط ليثبت أنه فارغ فيحوله إلى طبل ويتحول هو إلى طبال ..

***

فاضل الجاروش

في المثقف اليوم