أقلام حرة

التعددية الحزبية في العراق

الظاهرة الحزبية في العراق هي نتيجة طبيعية للوضع الذي نشأ بعد عهد الدكتاتورية التي امتدت أكثر من اربع عقود من الحكم الفردي والتسلط الهمجي، وهي قبل أن توصف بأنها المرتكز الاساس للحياة السياسية، لما لها من تأثير واضح في مسار العملية السياسية وتطورها، فهي تحصيل حاصل رغم اختلاف المسببات. ولإستكمال الشروط الديمقراطية للحياة السياسية في العراق، لابد من وجود أحزاب سياسية تعمل وفق رؤى خاصة ومنظومة عمل لا تتعارض وقيم الديمقراطية التي ظمنها الدستور في النظام الديمقراطي.

أن الممارسات الديمقراطية بوصفها أحد أهم مظاهر السلوك السياسي الديمقراطي، لا تتمثل فقط في إجراء الانتخابات، بل يجب أن تكون منظومة متكاملة في سلوك الاحزاب السياسية وقياس لإداءها بإعتبارها مؤسسات ديمقراطية. فمكانة الديمقراطية وقيمها تتعزز من خلال المساهمة في الممارسات الديمقراطية للاحزاب السياسية ومدى حرص تلك الأحزاب على المحافظة على القيم الديمقراطية من خلال وصفها مبدأ يحترم ويطبق على الصعيد الفكري والعملي، والايمان الحقيقي بها يتم عندما تطبق بإخلاص على أرض الواقع عبر برامج ومسارات واضحة المعالم بلا تشويه او انحراف أو تناقض في الرؤى بين الفكر والتطبيق، فتعنى بجميع طبقات المجتمع وفئاته المختلفة، ولا تنحصر فقط في مذهب او دين او أقلية أو جماعة دون غيرها، وليس كأداة للوصول إلى السلطة. وهنا يجب أن تعمل الاحزاب منفردة او مجتمعه، وفقا لبرامج سياسية تأخذ بنظر الاعتبار مسألة الاهتمام بالشباب أولوية لتطوير مهاراتهم القيادية، وتنمية الشعور لديهم بالارتباط بالوطن من خلال خلق فرص حيوية أمامهم لتطوير وتحسين ظروفهم المعاشية، وفتح المجال لهم ليكونوا عناصر فاعلة وقادة المستقبل، يتفاعلون في مجتمعهم بإيجابية،على اساس من العدالة والحرية والمساوات، مع قضاياه ويتعلمون اهمية العمل المشترك لبناء مستقبله والمحافظة على هويته والاعتزاز بتراثه وقيمه، باعتبارها مشترك جامع لمختلف مكونات مجتمعهم، والوقوف بشجاعة وتحمل المسؤولية لحل جميع مشاكله واشراكهم في العمل على رفع قيم الديمقراطية الحقيقة وإرساء قواعدها عمليا وأحترامها بإيصال افكارهم لمراكز القرار السياسي ومحاورتهم المستمرة لتبني أهدافهم والعمل على تحقيقها وغرس مفاهيم الديمقراطية في نفوسهم من احترام الاغلبية إلى القبول بالآخر ورأيه كشريك ثابت واساس، والعمل وفق هذا المنهج في حياتهم اليومية ابتداءا من الاسرة كأصغر مؤسسة اجتماعية وحتى تحت قبة البرلمان كمؤسسة تشريعية وصولا إلى النضج بالوعي الديمقراطي إلى مرحلة عدم التفريط بالديمقراطية كاساس للحياة السياسية والعامة كونها مكتسب من مكتسبات الجميع. متى ماوصلت الاحزاب لتقبل فكرة الديمقراطية واقع عمل ومنهج سياسي لنظام تعددي، سوف لن نجد استأثارا بالسلطة ولا انحرافا بالفكر أو الرغبة في التصدي بعيدا عن تحقيق مصالح الجميع واحترام الآخرين، وجميعنا يعلم أن فشل الاحزاب في العراق في بناء مجتمع يحترم اسس الديمقراطية كان ولازال، بسبب عدم ايمانها المطلق بالديمقراطية كمنهج وطريق للحياة السياسية. ويبقى الحل في يد الاحزاب لو تمكنت من مغادرة القيم التي تتعارض والديمقراطية والايمان بها لتكون مبدأ في السلوك والتطبيق بدلا من كونها شعارا براقا.

***

ضيــاء الهاشم

في المثقف اليوم