أقلام حرة

الفرق بين الشرح والإقناع.. استاذ الجامعة نموذجاً

بعض الناس يبادر الى الإعتذار عندما يختلف معي على موضوع معين. وكان ذلك يتكرر عندما كنتُ القي المحاضرات في عدد من الجامعات في بغداد، حيث كنت اتفرغ ليوم او يومين في الاسبوع من عملي في وزارة التخطيط.

وكذلك يحدث نفس الشيء عندما انشرُ مقالةً في الفيس بوك او على أحد المواقع.

كنتُ اردُّ على اولئك الأشخاص الطيبين بأني عندما أُلقي محاضرة على أحد الصفوف في الجامعة فأنني لا اسعى الى إقناع الطلاب بموقف معين او اتجاه اقتصادي معين. كما ان ما اقدمه من مادة في المحاضرة هي ليست افكاري الشخصية بل هي مواد علمية يتشكل منها علم الاقتصاد .

كذلك هي مدارس اقتصادية فكرية وضعها اقتصاديون معروفون وهي جميعاً تمثّل مكونات المنهج الدراسي المقرر..

دوري أنا كأستاذ للمادة، ليس في اقناع الطلاب بتبني واعتناق أي من تلك المواد، بل في شرحها وتوضيحها بشكل سليم ومناقشتها والاجابة على استفسارات الطلاب حولها وبيان مصادر الاستزادة المعرفية منها..

اعتراض الطلاب او رفضهم او انتقادهم لبعض تلك المواد، لايجب أن يُعتبر تحدياً للاستاذ او معارضة له او عداءً لافكاره .

انه جزء من تقاليد الحياة الجامعية الرصينة التي يعتبر استقلال الطالب فيها ومناقشته لافكاره مع اساتذته جزءاً من تجربة الدراسة في الجامعة..

كذاك عندما انشر مادةً على الفيس بوك او غيره، فهي ليست دعوة لاعتناق ماتتضمنه المقالة، بل هي فتح نافذة للحوار البناء الذي يستفيد منه الجميع واولهم الكاتب.

انا انظر بايجابية وسعادة لمن يتفضل باغناء المنشور او تسليط الضوء على جوانب من الموضوع اغفلها الكاتب او تقديم قراءة مختلفة لموضوع المنشور.

اتمنى ان تكون الصفحة او الموقع الثقافي، بمثابة منصة للحوار وتبادل الافكار والمعلومات باسلوبٍ حضاري راقٍ يراعي قواعد الاحترام.

البعض يكتب لي تعليقاً يقطر عدوانية وعنفاً وتشنجاً!!

اسئله لماذا تكتب بهذا الاسلوب؟

الا تستطيع شرح وجهة نظرك بطريقة لائقة وهادئة؟

العنف والاستفزاز ليس مهارةً او كفاءة بل هو شكل من اشكال الاعاقة الذهنية.

اعتقد ان الحوار العنيف اصبح تقليداً لدى بعض ادعياء الثقافة والعلم.

وبالمناسبة ان هذا الاسلوب ليس جديداً في بلدنا.

اتذكر ان احد " الدكاترة" خلع الجاكيت وتهيأ للعراك مع

شخص اختلف معه على موضوع علمي، وفي اجتماع يفترض انه علمي.

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم