أقلام حرة

خليجي 25.. يوحّد العراقيين!

سلام عليك، على رافديك يا عراق القيم

فانت مزار وحصن ودار لكل الامم.

فبغداد تكتب مجد العظام

وما جف بها مداد القلم

هنا المجد امّ وصلّى وحج وصام ..

وطاف بدار السلام.

هكذا شدت بلابل العراق ..

تغني لاغلى وطن،

وهكذا نردد معها في السر والعلن.

العراق العظيم..بلاد الرافدين ومضرب الآيتين، مسرى النهرين دجلة والفرات. العراق الحبيب عمق الاصالات، ونبض التاريخ ولغز الكلمات، وأصل الحكايات. أرض البدايات، ارض النشأة منذ القدم .. ارض البدايات وأم ّالنهايات ومستقر الأمم).

من مقدمة الأعلامي في قناة ابو ظبي..فأجابه العراقيون: تسلم يا ابن العرب الأصيل ..كفيت و وفيت بتذكير مستحق بمكانة العراق.

*

في افتتاح متميز مبهر، احتضنت البصرة الفيحاء خليجي 25 وسط تدفق محبي الدول المشاركة التي استقبلها اهل البصرة بلافته كتب عليها ( هلا بيكم ..عين فراش وعين غطا)..بدا الحفل بحكايات اسطورية من الف ليلة وليلة ومؤثرات بصرية رسمت مجسمات تاريخية لحدائق بابل المعلقة وبوابة عشتار وانجازات حضارات العراق وما قدمته للبشرية، وعرض مجسمات لصروح الدول المشاركة مثل مجسم جامع الشيخ زايد في ابو ظبي ومجسم أبراج الكويت..ليسجل خليجي 25 في البصرة انه الأجمل، والأمتع، والأبهر في تاريخ البطولة.

ما يعنينا هنا ما تفعله كرة القدم سيكولوجيا في الناس بعد ان اصبحت هي الرياضة الأكثر شعبية في العالم، وانها تسهم في التغيير من جودة الحياة، وتشجع على التواصل الاجتماعي، وتؤثر ايجابيا في المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية وحتى الدينية، بما تتمتع به من قوة فريدة في التقريب بين الاشخاص المختلفين دينيا وطائفيا وعرقيا ومناطقيا.

وعالميا، اثبتت كرة القدم أنها يمكن ان تكون رسول محبة وإخاء بين الشعوب، وأنها تعلّم الناس كيف يتعارفون، وكيف يأتلفون، وكيف تثير فيهم مشاعر واحدة تتجاوز فروقاتهم البشرية..بل ذهب كثيرون الى القول بأن الرياضة تعلّم الناس مهارات تساعدهم في إضفاء التعايش وحل الصراعات بالطرق السلمية.

الأروع ..ان هناك من يذهب الى أبعد من ذلك بقولهم ان كرة القدم اصبحت علاجاً لأمراض الشعوب، بعد أن كانت تثير المطاحنات والحروب، ويستشهدون بحرب الجارتين في أميركا الوسطى: هندوراس والسلفادور، التي انتهت بآلاف القتلى والمشردين في عام 1969؛ لكنها تحولت وخاصة في أميركا اللاتينية وأفريقيا علاجاً فعالاً لمساعدة آلاف الشباب في المناطق الموبوءة بالجريمة والصراعات المسلحة، للتخلص من العنف والمخدرات، كما في البرازيل والمكسيك وكولومبيا والسلفادور وغرب أفريقيا؛ بل إن كاهناً كاثوليكياً في هندوراس هو «ألبرتو غوتشي» فضّل أن يبني ملعباً في بلدة تعاني من تهريب المخدرات وعنف العصابات، كوسيلة لتآخي الشباب .حتى «اليونيسكو» اعترفت أن الرياضة تشكل «أداة قوية لتوطيد الروابط والشبكات الاجتماعية، ولتعزيز المثل العليا للسلام والأخوة والتضامن واللاعنف والتسامح والعدالة».

وللعراقيين ولع خاص بكرة القدم من سنين، فانت تجد في لاعبي وجمهور الفريق الواحد (نادي القوة الجوية مثلا) من هو مسلم ومسيحي وعربي وكردي وتركماني..وبصري وأنباري وسليماني..مختلفون دينا وعرقا وطائفة، ولكنهم كانوا جميعا موحدين بهوية واحدة وعنوان واحد هو..العراق.

وما حدث في حفل الأفتتاح البهي..أعاد لكرة القدم نكهتها العراقية بامتلاء الملعب باكثر من ستين الف عراقي (بغدادي، مصلاوي، انباري، اربيلي..سني،، شيعي مسيحي..) يهزجون جميعهم للعراق بعد سنوات فواجع واحتراب وطائفية دفعت العراقي الى ان يقتل أخاه العراقي لسبب في منتهى السخافة، ما اذا كان اسمه حيدر او عمر او رزكار!..ما يدفعني الى ان اقول بالصريح: ان حفل الافتتاح أفرح كل العراقيين، الا السياسيين الفاسدين الطائفيين ..فقد اخافهم ما حصل!

هنيئا للعراقيين بخليجي 25، فبه احيوا ما هو جميل في الشخصية العراقية، وبه أشاعوا بشرى خير انهم سيتوحدون ويعيدوا لأربعين مليونا اليقين بأنهم قادرون على خلق غد يليق بوطن يمتلك كل المقومات لأن يعيش اهله برفاهية وكرامة.

***

أ.د. قاسم حسين صالح

مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية

في المثقف اليوم