أقلام حرة

الفقراء في بعض البلدان مثلهم مثل الجاموس الافريقي البري

الفقراء في بعض المجتمعات يعيشون ويموتون مثل حياة الجاموس البري الافريقي. يركض من لحظة نزوله من بطن امه هربا من المفترسات ولحين موته على ايدي المفترسات، متحولاً الى وجبة طعام كبيرة.

يشرب الماء وهو مرعوب ويأكل وهو مرعوب ويقضي يومه راكضاً من مكان الى مكان خوفاً من القتَلَة المتربصين.

لا يحق له الموت بهدوء وعلى فراشه، وليس له الحق في تقاعد مريح واسترخاء في نهاية العمر، بل يستمر في الركض والخوف وبمجرد ان يضعف او يمرض او يتقدم في السن ويعجز عن الفرار، يتحول الى وليمة.

الفقير مثله مثل الجاموس البري، يكون مطارداً من قبل كل العالم، الكل تقف ضده وتحمله مسؤولية اوضاعه المتردية مع انه في الغالب ضحية اوضاع لاقدرة له التحكم فيها.

شاهدنا عجائز، نساء ورجال، وهم يتجولون بصعوبة لبيع سلع بسيطة على المارة ووجوههم مرهقة ونظراتهم زائغة.

شاهدنا اطفالاً صغاراً وهم يعملون باعمال صعبة لاعالة عوائلهم.

نساء ارامل وعوائل كبيرة بلا معيل وشباب يبحثون عن فرصة عمل شريف وخريجين لايعرفون سوى الدولة لتوفير وظيفة.

انهم اشخاص يشعرون بانهم مطاردون دائماً ولايستطيعون التوقف عن الركض في كل الاتجاهات بحثاً عن سبيل النجاة ولكن دون جدوى.

حمّال عمره تجاوز السبعين، وحمّال آخر يحمل عدة شهادات واطفال يحضّرون واجباتهم المدرسية وهم يبيعون سلعة ما على الرصيف ..

انهم يعيشون في عالم الجواميس السفلي حيث لايشعر بهم أحد.

الحجة القوية التي يستخدمها الاشخاص المُغرِضون لتبرير اهمال هؤلاء الفقراء هي، اننا في العراق الحالي، نعيش في مجتمع رأسمالي حيث التفاوت الطبقي والتشرد هي من مظاهر الاقتصادات الرأسمالية !!!

المستفيدون يرفعون عالياً هذا الشعار للتخلص من المسؤولية والانصراف الى عمليات النهب المنهجي.

انهم يتناسون او لعلهم يجهلون، ان الرأسمالية لم تنتج فقط التفاوت الطبقي والتشرد، بل انتجت اعظم اقتصاديات واعظم اختراعات وتكنولوجيا واعلى مستويات المعيشة.

***

د. صلاح حزام

 

في المثقف اليوم