أقلام حرة

أقلام ممنوعة من الصرف!!

يقول لي إن أقلامنا ممنوعة من الصرف!!

قلت: ماذا تقصد؟

قال: لا يُسمح لها بكتابة ما ينفع؟

قلت: وما هو الذي ينفع؟

قال: الدنيا تتحرك على مسارات إقتصادية وتكنولوجية فائقة السرعة، وأقلامنا تكتب عن الباليات!!

وأضاف: لو بحثت عن مقالات تمت بصلة لما يحصل في عصرنا، فستجدها قليلة أو مغيبة تماما، فتأمل ما يُنشر في أي موقع يُسمى ثقافي، فستظهر أمامك العناوين الخاوية الخالية من نسغ الحياة المعاصرة.

قلت: هذا ديدن ما نسميه ثقافة، فالمهم أن ندّعي الشعر، والقصة والرواية ونستنسخ من الآخرين  ما يبدعونه ونتوهم بأننا نبدع مثلهم، أما حكاية العلم والإقتصاد ومفردات الحياة، فلا تعنينا، لأن وعينا الجمعي غاطس في الحالة الموتية التي فيها سنكون ونتجسد.

فالواقع المرير، أننا مجتمعات يُراد لها أن تعادي الحياة وتتخلى عن شروطها ومؤهلاتها، ولهذا يتحقق إبراز تجار الدين لأخذ الناس إلى مهاوي سقر، وإفساح المجال للطامعين بالتفاعل النهم الجشع مع حقوقهم وثرواتهم، وهم في غفلة يعمهون، ونحو الموت يتسابقون للفوز بجنات نعيم ذات متع وملذات مطلقة.

ترى لماذا المواقع تهتم بقيل وقال، وتنأى عن الكتابات الداعية إلى بناء الحياة الحرة الكريمة؟

قد يرى البعض أن السؤال غير مناسب الطرح وفيه بعض التجني والعدوان، والحقيقة أن ما نكتبه في صحفنا ومواقعنا لا يمت للحياة الإيجابية بصلة، وهو تفاعل سلبي معها، وتأهيل متكرر ومواظب على تحبيب الموت وإلغاء معاني الحياة.

ولهذا فالمكتوب منكوب، والعجز مطلوب، والقضاء على الحياة مرغوب، وما عادت الدنيا قبائل وشعوب، فكل من عليها فان، وعلينا أن نتواصى بالعدوان، فالدين من أهم أسباب القتل والفتك بالإنسان، ولا قيمة لدين بلا أسنان.

فهل سنبقى نكتب حول السطور؟!!

***

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم